120 - ( فصل )
في : قال المرض المعدي : كالجذام إذا استضر الناس بأهله - في المبتلى يكون له في منزله سهم ، وله حظ في شرب فأراد من معه في المنزل إخراجه منه ، وزعموا أن استقاءه من مائهم الذي يشربونه مضر بهم ، فطلبوا إخراجه من المنزل . ابن وهب
قال : إذا كان له مال : أمر أن يشتري لنفسه من يقوم بأمره ، ويخرج في حوائجه ، ويلزم هو بيته فلا يخرج ، وإن لم يكن له مال : خرج من المنزل ، إذا لم يكن فيه شيء ، وينفق عليه من بيت المال . ابن وهب
وقال عيسى - في قوم ابتلوا بالجذام وهم في قرية موردهم واحد ، ومسجدهم واحد ، فيأتون المسجد فيصلون فيه ، ويجلسون فيه معهم ، ويردون الماء ويتوضئون ، فيتأذى بذلك أهل القرية ، وأرادوا منعهم من ذلك كله - قال : أما المسجد فلا يمنعون الصلاة فيه ، ولا من الجلوس ، ألا ترى إلى قول للمرأة المبتلاة - لما رآها تطوف بالبيت مع الناس : " لو جلست في بيتك لكان خيرا لك ؟ " ولم يعزم عليها بالنهي عن الطواف ، ودخول البيت ، وأما استقاؤهم من مائهم ، وورودهم المورد للوضوء وغير ذلك : فيمنعون ، ويجعلون لأنفسهم صحيحا يستقي لهم الماء في آنية ، ثم يفرغها في آنيتهم . عمر بن الخطاب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } وذلك ضرر بالأصحاء فأرى أن يحال [ ص: 243 ] بينهم وبين ذلك ، ألا ترى أنه يفرق بينه وبين زوجته ، ويحال بينه وبين وطء جواريه للضرر ؟ فهذا منه . لا ضرر ولا ضرار
وقال ابن حبيب عن في الجذامى : وأما الواحد والنفر اليسير : فلا يخرجون من الحاضرة ، ولا من قرية ، ولا من سوق ، ولا من مسجد جامع ، لأن مطرف لم يعزم على المرأة وهي تطوف بالبيت ، وكذلك عمر قد جعله معيقيب الدوسي رضي الله عنه على بيت المال ، وكان عمر يجالسه ويؤاكله ، ويقول له : " كل مما يليك " فإذا كثروا : رأيت أن يتخذوا لأنفسهم موضعا ، كما صنع بمرضى عمر مكة ، ولا يمنعون من الأسواق لتجارتهم ، وشراء حوائجهم ، أو الطواف للسؤال ، إذا لم يكن إمام يرزقهم من الفيء ، ولا يمنعون من الجمعة ، ويمنعون من غير ذلك .
وروى سحنون : أنهم لا يجمعون مع الناس الجمعة .
وأما مرضى القرى : فلا يخرجون منها ، وإن كثروا ، ولكن يمنعون من أذى الناس وقال : ليس على مرضى الحواضر الخروج منها إلى ناحية أخرى ، ولكن إن كفاهم الإمام المؤنة منعوا من مخالطة الناس بلزوم بيوتهم والتنحي عنهم وقال أصبغ ابن حبيب : يحكم عليهم بتنحيهم ناحية إذا كثروا ، وهو الذي عليه فقهاء الأمصار .
قلت : يشهد لهذا : الحديث الصحيح الذي رواه من حديث البخاري عن سعيد بن ميناء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة } . لا عدوى ; ولا هامة ، ولا صفر ، وفر من المجذوم فرارك من الأسد ، أو قال : من الأسود
وروى في صحيحه " من حديث مسلم عن يعلى بن عطاء عمرو بن الشريد عن أبيه ، قال : [ ص: 244 ] { وفد ثقيف رجل مجذوم ، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم : إنا بايعناك فارجع } . كان في
وفي " مسند " : حدثنا أبي داود الطيالسي ، عن ابن أبي الزناد محمد بن عبد الله القرشي ، عن أمه ، عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس } لا تديموا النظر إليهم : يعني المجذومين ومحمد هذا هو محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان .
ولا تعارض بين هذا وبين ما رواه عن مفضل بن فضالة عن حبيب بن الشهيد ابن المنكدر عن { جابر } فإن هذا يدل على جواز الأمرين ، وهذا في حق طائفة ، وهذا في حق طائفة ، فمن قوي توكله واعتماده ويقينه من الأمة : أخذ بهذا الحديث ، ومن ضعف عن ذلك : أخذ بالحديث الآخر ، وهذه سنة ، وهذه سنة والله أعلم . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم ، فوضعها معه في قصعته ، وقال : كل باسم الله ، وتوكلا على الله
فإذا أراد أهل الدار أن يؤاكلوا المجذومين ويشاربوهم ويضاجعوهم : فلهم ذلك ، وإن أرادوا مجانبتهم ومباعدتهم : فلهم ذلك . وفي قوله صلى الله عليه وسلم : { } ، فائدة طبية عظيمة ، وهي أن الطبيعة نقالة ، فإذا أدام النظر إلى المجذوم خيف عليه أن يصيبه ذلك بنقل الطبيعة ، وقد جرب الناس أن المجامع إذا نظر إلى شيء عند الجماع وأدام النظر إليه ، انتقل من صفته إلى الولد ، وحكى بعض رؤساء الأطباء أنه أجلس ابن أخ له للكحل فكان ينظر في أعين الرمد فيرمد ، فقال له : اترك الكحل ، فتركه فلم يعرض له رمد ، قال : لأن الطبيعة نقالة . لا تديموا النظر إلى المجذومين
وذكر وغيره : { البيهقي غفار ، فدخل عليها ، فأمرها فنزعت ثيابها ، فرأى بياضا عند ثدييها ، فانحاز النبي صلى الله عليه وسلم عن الفراش ، فلما أصبح قال : الحقي بأهلك } [ ص: 245 ] وحمل لها صداقها . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من