روى البزار والبلاذري عن وبقي بن مخلد أبي هريرة ، وابن عباس وأبو يعلى برجال ثقات وأحمد والطيالسي في «الشمائل» . - بإسناد حسن- عن والترمذي عائشة برجال ثقات عن والطبراني عكرمة عن ابن عباس عن وإسحاق بن راهويه عكرمة بسند صحيح عن وعبد بن حميد سالم بن عبيد الصحابي ، أن الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- أرسلوه خلف وفي لفظ أبي بكر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لما خرج يوم الاثنين قال له يا رسول الله وفي لفظ : «أصبح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين خفيفا فقال أبو بكر : يا رسول الله : أراك قد أصبحت بنعمة من الله وفضل كما تحب ، واليوم يوم أبو بكر : ابنة خارجة يعني : امرأته أفآتها قال : نعم ، ثم دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ورجع إلى أهله أبو بكر بالسنح فلما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سجي بثوب وجاء فاستأذن على عمر ومعه عائشة فأذنت لهما ومدت الحجاب ، فقال المغيرة بن شعبة ، يا رسول الله فقالت : عمر : غشي عليه مذ ساعة ، فكشف عن وجهه وقال : واغشياه ما أشد غشي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفي لفظ : دخل عائشة على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فجعل يراوح بين حزنه ميلا وجعل يقول : وانبياه واصفياه ثم غطاه ، ولم يتكلم أبو بكر المغيرة ، فلما أن دنوا من عتبة الباب قال : مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يا فقال عمر : كذبت ، ما مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والله لا يموت حتى يؤمر بقتال المنافقين ، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب عمر : موسى إلى ربه ، وغاب عن قومه أربعين ليلة ، والله ليرجعن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وليقطعن أيدي رجال وأرجلهم وألسنتهم ، وتكلم حتى أزبد شدقاه : بل أنت امرؤ تحوشك فتنة وابن أم مكتوم في مؤخرة المسجد يقرأ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل [آل عمران 144] والناس يموجون ويبكون ولا يسمعون ، فخرج عباس بن عبد المطلب على الناس فقال : يا أيها الناس هل عند أحد منكم من عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فليحدثنا قالوا : لا . قال : هل عندك يا من علم ؟ قال : لا . فقال عمر أشهد أيها الناس أن أحدا لا يشهد على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعهد عهده إلي في وفاته ، والله الذي لا إله إلا هو فقد ذاق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الموت ، فادفنوا صاحبكم أيمت أحدكم إماتة ويميته إماتتين ، هو أكرم على الله من ذلك فإن كان كما تقولون فليس على الله بعزيز أن عنه التراب فيخرجه إن شاء الله ، ما مات حتى ترك السبيل نهجا واضحا ، أحل الحلال ، وحرم الحرام ، ونكح وطلق ، وحارب وسالم ، وما كان راعي غنم يتبع بها صاحبها رؤوس الجبال يخبط عليها العضاة بمخبطه يحدر حوضها بيده بأنصب ولا أدأب من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان فيكم ، فذهب العباس : سالم بن [ ص: 299 ] عبيد وراء إلى أبي بكر السنح فأعلمه بموت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما بلغ الخبر وهو أبو بكر بالسنح أقبل على فرس حتى نزل على باب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يكلم الناس فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في بيت وعمر ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- مسجى في ناحية البيت عليه برد حبرة . عائشة
زاد أبو الربيع وأبو اليمن بن عساكر في «إتحاف الزائر» وعيناه تهملان وزفراته تتردد في صدره وعصصه ترتفع كقطع الحرة ، وهو في ذلك جلد العقل والمقالة حتى دخل على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكشف عن وجهه ومسح وقبل بين عينيه ، وجعل يبكي ويقول : بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا ، وانقطع لموتك ما لم ينقطع لموت أحد من الأنبياء ، فعظمت عن الصفة ، وجللت عن البكاء وحصصت حتى صرت مسلاة وعممت حتى صرت فينا سواء ، ولولا أن موتك كان اختبارا لجدنا لموتك بالنفوس ، ولولا أنك نهيت عن البكاء عليك [لأنفذنا عليك] ماء [العيون] ، فأما ما لا نستطيع نفيه ففيه كمد وإدناف يتخالفان لا يبرحان ، اللهم فأبلغه عنا ، اذكرنا يا محمد عند ربك ولتكن من جاء لك فلولا ما خلفت من السكينة لم تعم لما خلفت من الوحشة ، اللهم أبلغ نبيك عنا واحفظه ميتا ثم صرخ . انتهى .
وفي حديث عند عائشة ابن سعد وأبي يعلى برجال ثقات أن وأحمد لما رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم تحول من قبل رأسه فقال : وانبياه ، ثم حدر فمه وقبل وجهه ثم [قال : واصفياه ثم] رفع رأسه وحدر فمه وقبل جبهته وقال : واخليلاه ، مات رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفي حديث أبا بكر عند عائشة أبي يعلى فقال : كيف ترين ؟ قالت : غشي عليه فدنا منه فكشف عن وجهه فقال : يا غشياه ما أكون هذا الغشي ، ثم كشف عن وجهه فعرف الموت فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ثم بكى قالت وأحمد فقلت في سبيل الله انقطاع الوحي ودخول عائشة : جبريل بيتي ، ثم وضع يديه على صدغيه ووضع فاه على جبهته فبكى حتى سالت دموعه على وجه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفي لفظ ثم أقبل عليه فقبله ثم قال : بأبي وأمي أما الموتة التي كتب الله عليك فقد متها فلن يصيبك بعدها موتة أبدا ، ثم رد البرد على وجه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم خرج إلى الناس .
زاد أبو الربيع : وهم في خطبهم غمراتهم وشديد سكراتهم ، ثم خرج يكلم الناس فقال : على رسلك يا عمر أنصت ثلاث مرات فأبى إلا أن يتكلم ، فلما رآه عمر لا ينصت أقبل على الناس ، فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا أبو بكر وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه . [ ص: 300 ] عمر ،
زاد أبو الربيع وأبو اليمن ، ثم خطب خطبة جلها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيها :
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وخاتم أنبيائه ، وأشهد أن الكتاب كما نزل ، وأن الدين كما شرع وأن الحديث كما حدث ، وأن القول كما قال ، وأن الله هو الحق المبين ، في كلام طويل انتهى .
ثم قال : أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلا هذه الآية : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين [آل عمران 144] .
زاد ابن عقبة وقال : إنك ميت [الزمر 30] وقال : كل نفس ذائقة الموت [آل عمران 185] وقال : كل شيء هالك إلا وجهه [القصص 88] كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن 26 ، 27] زاد أبو الربيع وأبو اليمن : إن الله قد تقدم لكم في أمره فلا تدعوه جزعا ، وأن الله تعالى قد اختار لنبيه ما عنده على ما عندكم ما عندكم ينفد وما عند الله باق [النحل 96] وقبضه إلى ثوابه ، وخلف فيكم كتابه وسنة رسوله ، فمن أخذ بهما عرف ، ومن فرق بينهما أنكر ، يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله [النساء 135] لا يشغلنكم الشيطان بموت نبيكم ولا يلفتنكم عن دينكم ، وعالجوا الشيطان بالخزي تعجزوه ولا تستنظروه فيلحق بكم ، انتهى .
زاد ابن عقبة إن الله عمر محمدا وأبقاه حتى أقام دين الله وأظهر أمر الله وبلغ رسالة الله وجاهد أعداء الله حتى توفاه الله صلوات الله وسلامه عليه وهو على ذلك وترككم على الطريقة فلن يهلك هالك إلا من بعد البينة [والشفاء فمن كان الله ربه فإن الله حي لا يموت ، ومن كان يعبد محمدا وينزله إلها فقد هلك إلهه] فاتقوا الله أيها الناس واعتصموا بدينكم ، وتوكلوا على ربكم ، فإن دين الله قائم وكلمته باقية ، وإن الله ناصر من نصره ومعز دينه وأن كتاب الله بين أظهرنا وهو النور والشفاء ، وبه هدى الله محمدا صلى الله عليه وسلم وفيه حلال الله وحرامه والله لا نبالي من أجلب علينا من خلق الله ، إن سيوف الله لمسلولة ، ما وضعناها بعد ولنجاهدن من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلا يبقين أحد إلا على نفسه . انتهى .
وفي لفظ فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن الآية نزلت [إلا] حين تلاها يومئذ فأخذها الناس عن أبو بكر فإنما هي في أفواههم ، فلما تلاها أبي بكر أيقن الناس بموت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتلقاها كثير من الناس من أبو بكر حتى تلاها . قال أبي بكر رضي الله تعالى [ ص: 301 ] عنه – فوالله ما هو إلا أن سمعت عمر- يتلوها فعقرت وأنا قائم حتى وقعت على الأرض ما تحملني رجلاي ، وعرفت حين تلاها أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد مات . زاد أبا بكر أبو الربيع فلما فرغ من خطبته التفت إلى رضي الله تعالى عنه- فقال : يا عمر بن الخطاب- أنت الذي تقول على باب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : والذي نفسي بيده ما مات رسول الله ، أما علمت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال يوم كذا وكذا ، أو قال يوم كذا كذا وكذا ، وقال الله تعالى في كتابه عمر إنك ميت وإنهم ميتون [الزمر 30] فقال لكأني والله لم أسمع بها في كتاب الله تعالى قبل ذلك لما نزل بنا ، أشهد أن الكتاب كما نزل ، وأن الحديث كما حدث ، وأن الله تعالى حي لا يموت- صلوات الله وسلامه على رسوله- وعند الله تحتسب رسوله وقال عمر : - رضي الله تعالى عنه- فيما كان منه يومئذ : عمر بن الخطاب
لعمري لقد أيقنت أنك ميت ولكنما أبدي الذي قلته الجزع وقلت يغيب الوحي عنا لفقده
كما غاب موسى ثم يرجع كما رجع وكان هواي أن تطول حياته
وليس لحي في بكا ميت طمع فلما كشفنا البرد عن حر وجهه
إذا الأمر بالجزع المرعب قد وقع فلم يك لي عند المصيبة حيلة
أرد بها أهل الشماتة والقزع سوى إذن الله في كتابه
وما أذن الله العباد به يقع وقد قلت من بعد المقالة قولة
لها في حلوق الشامتين به بشع ألا إنما كان النبي محمد
إلى أجل وافى به الموت فانقطع ندين على العلات منا بدينه
ونعطي الذي أعطى ونمنع ما منع ووليت محزونا بعين سخينة
أكفكف دمعي والفؤاد قد انصدع وقلت لعيني كل دمع دخرته
فجودي به إن الشجي له دفع