الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثالث في الصلاة عليه زاده الله فضلا وشرفا لديه

                                                                                                                                                                                                                              قد تقدم في باب جمعه أصحابه أنه- صلى الله عليه وسلم- أوصى أنهم يخرجون عنه حتى يصلي عليه الملائكة . . الحديث . فراجعه في الجماع قبله . قال ابن إسحاق : فلما فرغ من جهاز رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم الثلاثاء وضع في سريره في بيته ، ثم دخل الناس على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلون عليه أرسالا ، حتى إذا فرغوا دخل النساء ، حتى إذا فرغن دخل الصبيان ، ولم يؤم الناس على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أحد .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه ابن ماجه والبيهقي بسند ضعيف .

                                                                                                                                                                                                                              زاد ابن إسحاق : ثم دفن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من وسط الليل ليلة الأربعاء .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن أبي عسيب مولى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قالوا : كيف نصلي عليك ؟ قال : ادخلوا علي أرسالا أرسالا قال : فكانوا يدخلون عليه ، فيصلون ثم يخرجون من الباب الآخر .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى والإمام أحمد عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : أضجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على السرير ، ثم أذن للناس ، فدخلوا عليه فوجا فوجا يصلون عليه بغير إمام ، حتى لم يبق أحد بالمدينة حر ولا عبد إلا صلى عليه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن علي- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لما وضع على سريره ، فقال علي : لا يقوم عليه أحد ، هو إمامكم حيا وميتا! فكان يدخل الناس رسلا رسلا ، فيصلون عليه صفا صفا ، ليس لهم إمام يقولون : سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده أنه لما وضع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على السرير قال : لا يقوم عليه أحد ، هو إمامكم حيا وميتا ، فكان يدخل الناس رسلا رسلا ، فيصلون عليه صفا صفا ، ليس لهم إمام ، ويكبرون ، وعلي قائم بحيال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، اللهم إنا نشهد أنه قد بلغ ما أنزل إليه ، ونصح لأمته ، وجاهد في سبيل الله ، حتى أعز الله دينه ، وتمت [ ص: 330 ] كلمته ، اللهم فاجعلنا ممن يتبع ما أنزل الله إليه ، وثبتنا بعده ، واجمع بيننا وبينه .

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمرالأسلمي : حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال : وجدت هذا في صحيفة بخط أبي فيها أنه : لما كفن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ووضع على سريره دخل أبو بكر وعمر فقالا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار قدر ما يسع البيت ، فسلموا كما سلم أبو بكر وعمر وصفوا صفوفا لا يؤمهم أحد ، فقال أبو بكر وعمر : وهما في الصف الأول حيال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اللهم إنا نشهد أنه قد بلغ ما أنزل إليه ونصح لأمته ، وجاهد في سبيل الله تعالى ، حتى أعز الله تعالى دينه وتمت كلماته ، فآمن به وحده لا شريك له ، فاجعلنا يا إلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه ، واجمع بيننا وبينه حتى يعرفنا ونعرفه؛ فإنه كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما ، لا نبتغي بالإيمان بدلا ولا نشتري به ثمنا أبدا ، فيقول الناس : آمين آمين! ثم يخرجون ويدخل آخرون حتى صلى عليه الرجال ثم النساء ثم الصبيان .

                                                                                                                                                                                                                              قال بعض العلماء : صلوا عليه بعد الزوال يوم الاثنين إلى مثله من الثلاثاء .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : إنهم مكثوا ثلاثة أيام يصلون .

                                                                                                                                                                                                                              قال الشيخ مجد الدين الفيروزآبادي في القاموس : صلوا عليه ، فنادى مناد : صلوا أفواجا بلا إمام .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : جماعات جماعات ، وحزروا ثلاثين ألفا من الملائكة ، فيكونون ستين ألفا؛ لأن مع كل واحد ملكين . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى والإمام أحمد - بسند جيد عن علي - رضي الله تعالى عنه- قال : أضجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على السرير ، ثم أذن للناس ، فدخلوا فوجا فوجا يصلون عليه بغير إمام ، حتى لم يبق أحد بالمدينة [حر ولا عبد إلا صلى عليه] .

                                                                                                                                                                                                                              وروي عن سالم بن عبد الله - رحمه الله تعالى- قال : قالوا لأبي بكر : هل يصلى على الأنبياء ؟ قال : يجيء قوم فيكبرون ويدعون ، ويجيء آخرون حتى يفرغ الناس .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية