الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              فصل فيما روي من تعظيم الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- للنبي- صلى الله عليه وسلم-

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم عن عمرو بن العاص - رضي الله تعالى عنه- قال : وما كان من أحد أحب إلي من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا أجل في عيني منه ، وما كنت أطيقه أن أملأ عيني منه إجلالا له .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي عن أنس - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يخرج على أصحابه من المهاجرين والأنصار وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر ، فلا يرفع أحد منهم إليه بصره إلا أبو بكر وعمر ، فإنهما كانا ينظران إليه وينظر إليهما ، ويتبسمان إليه ويتبسم إليهما .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود عن أسامة بن شريك - رضي الله تعالى عنه- قال : أتيت [ ص: 394 ] رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وحوله أصحابه ، عليهم السكينة والوقار ، كأنما على رؤوسهم الطير ، فسلمت ثم قعدت .

                                                                                                                                                                                                                              وقال عروة بن مسعود : كنا في الصحيح حين وجهته قريش عام القضية إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، ورأى من تعظيم أصحابه له ما رأى أنه لا يتوضأ وضوءا إلا ابتدروا وضوءه ، وكادوا يقتتلون عليه ، ولا يبصق بصاقا ولا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم ، ودلكوا بها وجوههم وأجسادهم ، ولا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها ، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون النظر إليه تعظيما له ، فلما رجع إلى قريش قال : يا معشر قريش ، إني جئت كسرى في ملكه ، وقيصر في ملكه ، والنجاشي في ملكه ، وإني والله ما رأيت ملكا قط في قومه يعظمه أصحابه ما يعظم محمدا أصحابه ، وقد رأيت قوما لا يسلمونه أبدا .

                                                                                                                                                                                                                              وروي عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : لقد رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والحلاق يحلقه ، وقد أطاف به أصحابه ، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل .

                                                                                                                                                                                                                              وفي الصحيح ، أن قريشا لما أذنت لعثمان في الطواف بالبيت حين وجهه- صلى الله عليه وسلم- إليهم في القضية أبى أن يطوف ، وقال : ما كنت لأطوف به حتى يطوف به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- .

                                                                                                                                                                                                                              وروي عن البراء - رضي الله تعالى عنه- قال : لقد كنت أريد أن أسأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن الأمر فأؤخره سنين من هيبته- صلى الله عليه وسلم- .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي وحسنه عن طلحة - رضي الله تعالى عنه- أن أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- قالوا لأعرابي جاهل سأله عمن قضى نحبه من هو وكانوا لا يجترئون على مسألته يوقرونه ويهابونه [فسأله ، فأعرض عنه ، إذ طلع طلحة ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : هذا ممن قضى نحبه] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى عن المغيرة بن شعبة - رضي الله تعالى عنه- قال : كان أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرعون بابه بالأظافير .

                                                                                                                                                                                                                              وقد تقدم في باب هيبته ما فيه كفاية .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية