ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومائة 
فمن الحوادث فيها توجيه قحطبة  ابنه الحسن  إلى نصر  وهو بقومس .   وذلك أنه لما قتل نباتة  ارتحل نصر بن سيار  فنزل الخوار ،  ووجه قحطبة  ابنه الحسن  إلى قومس  في محرم هذه السنة ، ثم وجه إلى ابنه جماعة من الرؤوس في سبعمائة ، فدخلوا حائطا ، فوجه إليهم نصر  جندا فحصروهم ، فنقبوا الحائط وخرجوا ، وسار نصر  حتى نزل الري ،  فأقام يومين ثم مرض حتى إذا كان بساوة  قريبا من همذان ،  فمات بها . 
وفيها: تحول أبو مسلم  من مرو  إلى نيسابور ،  فنزلها ،  ولما نزل قحطبة  الري  كتب إلى أبي مسلم  بخبره ، فارتحل أبو مسلم  من مرو ،  فنزل نيسابور  وخندق بها ، وبنى الجامع والمقصورة ، وغصب أكثر الأرض التي بناها ، إلا أن المسلمين سألوا من غصبت منه ، فأباحهم الصلاة فيها . وقيل: بل استوهبها أبو مسلم  ولم يأخذها غصبا . 
وفيها: قتل قحطبة عامر بن ضبارة    [وسبب ذلك أن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر  لما . . . ابن ضبارة]  مضى نحو خراسان  وتبعه عامر ،  وكتب  ابن هبيرة  إلى عامر  وإلى ابنه داود بن يزيد بن عمر  أن يسير إلى قحطبة ،  فسار في خمسين ألفا حتى  [ ص: 287 ] نزلوا أصفهان  بمدينة يقال لها: جي ،  فاقتتلوا ، فانهزم أهل الشام  وقتلوا قتلا ذريعا ، وقتل ابن ضبارة ،  وانهزم داود ،  وأصيب من عسكرهم ما لا يدرى عدده من السلاح والمتاع والرقيق ، ووجدوا عندهم ما لا يحصى من البرابط والطنابير والمزامير والخمر . 
وفيها: كانت وقعة قحطبة  بنهاوند  بمن كان لجأ إليها من جنود مروان بن محمد .   
وقيل: كانت هذه الوقعة بجابلق  من أرض أصفهان  يوم السبت لسبع بقين من رجب . 
وذلك أن قحطبة  أرسل إلى أهل خراسان  الذين في مدينة نهاوند  يدعوهم إلى الخروج إليه ، فأعطاهم الأمان فأبوا ، ثم أرسل إلى أهل الشام  بمثل ذلك فقبلوا وبعثوا إليه: اشغل أهل المدينة  حتى نفتح الباب وهم لا يشعرون . فشغل أهل المدينة  بالقتال ، ففتح أهل الشام  الباب الذي كانوا عليه ، فخرج أهل خراسان  فدفع قحطبة  كل رجل منهم إلى رجل من قواد أهل خراسان  ثم أمر مناديه أن ينادي: من كان في يديه أسير ممن خرج إلينا من المدينة  فليضرب عنقه وليأتنا برأسه ، ففعلوا فلم يبق أحد من الذين كانوا هربوا من أبي مسلم  وصاروا في ذلك الحصن إلا قتل ، ما خلا أهل الشام  فإنه أخلى سبيلهم ، وأخذ عليهم الأيمان ألا يمالئوا عليه عدوا . 
وفي هذه السنة: سار قحطبة  نحو  ابن هبيرة ،   وكان  ابن هبيرة  قد استمد مروان ،  وأقبل حتى نزلوا جلولاء ،  واحتفر الخندق الذي كانت العجم احتفرته أيام وقعة جلولاء ،  وأقام . وأقبل قحطبة  حتى نزل قرماسين ،  ثم سار إلى حلوان ،  ثم جاء إلى خانقين ،  ولم يزل حتى انتهى إلى الموضع الذي فيه  ابن هبيرة .  
وكان في هذه السنة: طاعون  سلم بن قتيبة .  قال  الأصمعي:  كان يمر في كل يوم بطريق المربد  أحد عشر ألف نعش . 
قال المدائني:  كان هذا الطاعون في رجب واشتد في رمضان . وكان يحصى في سكة المربد  كل يوم عشرة آلاف جنازة أياما ، وخف في شوال . 
وقال  الأصمعي:  مات في أول يوم سبعون ألفا ، وفي الثاني نيف وسبعون ألفا ،  [ ص: 288 ] وأصبح الناس في اليوم الثالث موتى . وكان على البصرة   سلم بن قتيبة ،  فلما قام على المنبر جعل ينظر يمنة ويسرة فلا يرى أحدا يعرفه ، وكان يغلق على الموتى الباب مخافة أن تأكلهم الكلاب ، وينادي المنادي: أدركوا آل فلان فقد أكلتهم الكلاب . 
وفي هذه السنة: حج بالناس الوليد بن عروة بن محمد بن عطية السعدي ،  وهو كان عامل مكة  والمدينة  والطائف  من قبل عمه عبد الملك بن محمد ،  وكان عامل العراق   يزيد بن عمر بن هبيرة ،  وكان على قضاء الكوفة  الحجاج بن عاصم المحاربي ،  وعلى قضاء البصرة  عباد بن منصور الناجي .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					