[ ص: 223 ] سيرة أبي الحسنين علي رضي الله عنه 
 [ ص: 224 ]  [ ص: 225 ]  علي بن أبي طالب  
علي بن أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، أمير المؤمنين ، أبو الحسن القرشي الهاشمي   . 
وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية  ، وهي بنت عم أبي طالب   . كانت من المهاجرات ، توفيت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة   . 
قال عمرو بن مرة  ، عن أبي البختري  ، عن علي   : قلت لأمي اكفي فاطمة بنت رسول  الله صلى الله عليه وسلم سقاية الماء والذهاب في الحاجة ، وتكفيك هي الطحن والعجن  . وهذا يدل على أنها توفيت بالمدينة   . 
روى الكثير عن النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه القرآن وأقرأه . 
عرض عليه أبو عبد الرحمن السلمي  ،  وأبو الأسود الدؤلي  ،  وعبد الرحمن بن أبي ليلى   . 
وروى عن علي   : أبو بكر  ، وعمر  ، وبنوه : الحسن  ، والحسين  ، ومحمد  ، وعمر  ، وابن عمه ابن عباس  ، وابن الزبير  ، وطائفة من الصحابة ،  وقيس بن أبي حازم  ،  وعلقمة بن قيس  ،  وعبيدة السلماني  ، ومسروق  ،  وأبو رجاء العطاردي  ، وخلق كثير . 
 [ ص: 226 ] وكان من السابقين الأولين ، شهد بدرا وما بعدها ، وكان يكنى أبا تراب  أيضا . 
قال عبد العزيز بن أبي حازم  ، عن أبيه ، عن سهل  ، أن رجلا من آل مروان  استعمل على المدينة  ، فدعاني وأمرني أن أشتم عليا  فأبيت ، فقال : أما إذا أبيت فالعن أبا تراب  ، فقال سهل   : ما كان لعلي  اسم أحب إليه منه ، إن كان ليفرح إذا دعي به ، فقال له : أخبرنا عن قصته لم سمي أبا تراب  ؟ فقال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة  ، فلم يجد عليا  في البيت ، فقال : أين ابن عمك ؟ فقالت : قد كان بيني وبينه شيء فغاظني ، فخرج ولم يقل عندي ، فقال لإنسان : " اذهب انظر أين هو " فجاء فقال : يا رسول الله هو راقد في المسجد ، فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه ، فأصابه تراب ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عنه التراب ويقول : " قم أبا تراب ، قم أبا تراب  " أخرجه مسلم   . 
وقال أبو رجاء العطاردي   : رأيت عليا  شيخا أصلع كثير الشعر ، كأنما اجتاب إهاب شاة ، ربعة عظيم البطن ، عظيم اللحية  . 
وقال سوادة بن حنظلة   : رأيت عليا  أصفر اللحية  . 
وعن  محمد بن الحنفية  ، قال : اختضب علي  بالحناء مرة ثم  [ ص: 227 ] تركه  . 
وعن الشعبي  ، قال : رأيت عليا  ورأسه ولحيته بيضاء ، كأنهما قطن  . 
وقال الشعبي   : رأيت عليا  أبيض اللحية ، ما رأيت أعظم لحية منه ، وفي رأسه زغيبات  . 
وقال أبو إسحاق   : رأيته يخطب ، وعليه إزار ورداء ، أنزع ، ضخم البطن ، أبيض الرأس واللحية . 
وعن  أبي جعفر الباقر  ، قال : كان علي  آدم ، شديد الأدمة ، ثقيل العينين ، عظيمهما ، وهو إلى القصر أقرب  . 
قال عروة   : أسلم علي  وهو ابن ثمان  . 
وقال الحسن بن زيد بن الحسن   : أسلم وهو ابن تسع . 
وقال المغيرة   : أسلم وله أربع عشرة سنة . رواه جرير  عنه . 
وثبت عن ابن عباس  ، قال : أول من أسلم علي   . 
وعن محمد القرظي  ، قال : أول من أسلم خديجة  ، وأول رجلين أسلما أبو بكر  وعلي  ، وإن أبا بكر  أول من أظهر الإسلام ، وكان علي  يكتم الإسلام فرقا من أبيه ، حتى لقيه أبو طالب  ، فقال : أسلمت ؟ قال :  [ ص: 228 ] نعم . قال : وازر ابن عمك وانصره . وأسلم علي  قبل أبي بكر   . 
وقال قتادة   : إن عليا  كان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، وفي كل مشهد  . 
وقال  أبو هريرة  وغيره : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر   : " لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، ويفتح الله على يديه " قال عمر : فما أحببت الإمارة قبل يومئذ ، قال : فدعا عليا  فدفعها إليه ، وذكر الحديث ، كما تقدم في غزوة خيبر  بطرقه . 
وقال محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى  ، عن المنهال  ، عن عبد الله بن أبي ليلى  ، قال : كان أبي يسمر مع علي  ، وكان علي  يلبس ثياب الصيف في الشتاء ، وثياب الشتاء في الصيف ، فقلت لأبي : لو سألته ، فسأله ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلي وأنا أرمد العين يوم خيبر  ، فقلت : يا رسول الله إني أرمد ، فتفل في عيني ، وقال : " اللهم اذهب عنه الحر والبرد " فما وجدته حرا ولا بردا منذ يومئذ  . 
وقال جرير  ، عن مغيرة  ، عن أم موسى   : سمعت عليا  يقول : ما  [ ص: 229 ] رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهي وتفل في عيني  . 
وقال المطلب بن زياد  ، عن ليث  ، عن أبي جعفر  ، عن  جابر بن عبد الله   : أن عليا  حمل الباب على ظهره يوم خيبر  ، حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها يعني خيبر  ، وأنهم جروه بعد ذلك ، فلم يحمله إلا أربعون رجلا  . تفرد به إسماعيل ابن بنت السدي  ، عن المطلب   . 
وقال ابن إسحاق  في " المغازي " : حدثني عبد الله بن الحسن  ، عن بعض أهله ، عن أبي رافع  مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خرجنا مع علي  حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته ، فلما دنا من الحصن ، خرج إليه أهله ، فقاتلهم ، فضربه رجل من اليهود  ، فطرح ترسه من يده ، فتناول علي بابا عند الحصن ، فتترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده ، وهو يقاتل ، حتى فتح الله علينا ، ثم ألقاه ، فلقد رأيتنا ثمانية نفر ، نجهد أن نقلب ذلك الباب ، فما استطعنا أن نقلبه  . 
وقال غندر   : حدثنا عوف  ، عن ميمون أبي عبد الله  ، عن البراء  ،  وزيد بن أرقم  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : " أنت مني كهارون  من موسى  ، غير أنك لست بنبي  " ميمون  صدوق . 
وقال بكير بن مسمار  ، عن عامر بن سعد  ، عن أبيه ، قال : أمر معاوية  سعدا  ، فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب  ؟ قال : ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه ، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، وخلف عليا  في بعض مغازيه ، فقال : يا رسول الله أتخلفني مع النساء والصبيان ؟ قال : " أما  [ ص: 230 ] ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون  من موسى  ، إلا أنه لا نبي بعدي " أخرجه الترمذي ،  وقال : صحيح غريب . 
وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر   : لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، فدفعها إليه ، ففتح الله عليه  . 
ولما نزلت هذه الآية : فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم   [ آل عمران ] دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة  وحسنا  وحسينا  ، فقال : " اللهم هؤلاء أهلي  " . بكير  احتج به مسلم   . 
وقال  إبراهيم بن المنذر الحزامي   : حدثنا إبراهيم بن مهاجر بن مسمار  ، عن أبيه ، عن عامر بن سعد  ، عن أبيه ، قال : أما والله أشهد لقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي  يوم غدير خم  ، وأخذ بضبعيه : " أيها الناس من مولاكم ؟ قالوا : الله ورسوله . قال : " من كنت مولاه فعلي  مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه  " الحديث . 
إبراهيم  هذا ، قال  النسائي   : ضعيف . 
ويروى عن أنس  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابنته فاطمة   : " قد زوجتك أعظمهم حلما ، وأقدمهم سلما ، وأكثرهم علما " وروى نحوه جابر الجعفي  وهو متروك عن ابن بريدة  ، عن أبيه . 
وقال الأجلح الكندي  ، عن عبد الله بن بريدة  ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا بريدة  لا تقعن في علي  فإنه مني وأنا منه ، وهو وليكم  [ ص: 231 ] بعدي  . 
وقال الأعمش  ، عن سعد بن عبيدة  ، عن عبد الله بن بريدة  ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كنت وليه فعلي  وليه  " . 
وقال غندر : حدثنا شعبة  ، عن ميمون أبي عبد الله  ، عن  زيد بن أرقم  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه  " هذا حديث صحيح . 
وقال أبو الجواب   : حدثنا يونس بن أبي إسحاق  ، عن أبيه ، عن البراء  ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مجنبتين على إحداهما علي  ، وعلى الآخرة خالد بن الوليد  ، وقال : " إذا كان قتال فعلي  على الناس " فافتتح علي  حصنا ، فأخذ جارية لنفسه ، فكتب خالد  في ذلك ، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب ، قال : " ما تقول في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ؟ " قلت : أعوذ بالله من غضب الله  . 
أبو الجواب  ثقة ، أخرجه الترمذي  ، وقال : حديث حسن . 
قرأت على أبي المعالي أحمد بن إسحاق   : أخبركم الفتح بن عبد الله بن محمد   . 
[ ح ] وأخبرنا يحيى بن أبي منصور  ، وجماعة إجازة ، قالوا : أخبرنا أبو الفتوح محمد بن علي بن الجلاجلي  ، قالا : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحسين الحاسب  ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن  [ ص: 232 ] النقور  ، قال : حدثنا عيسى بن علي بن الجراح  إملاء سنة تسع وثمانين وثلاث مائة ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد  ، قال : حدثنا  سويد بن سعيد  ، قال : حدثنا شريك  ، عن أبي إسحاق  ، عن حبشي بن جنادة  ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " علي  مني وأنا من علي  ، لا يؤدي عني إلا أنا أو هو  " رواه ابن ماجه  عن سويد  ، ورواه الترمذي  ، عن إسماعيل بن موسى  ، عن شريك  ، وقال : صحيح غريب . ورواه  يحيى بن آدم  ، عن إسرائيل  ، عن جده ، أخرجه  النسائي  في الخصائص . 
وقال  جعفر بن سليمان الضبعي   : حدثنا يزيد الرشك  عن مطرف بن عبد الله  ، عن عمران بن حصين  ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية ، واستعمل عليهم عليا  ، وكان المسلمون إذا قدموا من سفر أو غزو أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يأتوا رحالهم ، فأخبروه بمسيرهم ، فأصاب علي جارية ، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لنخبرنه ، قال : فقدمت السرية ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بمسيرهم ، فقام إليه أحد الأربعة ، فقال : يا رسول الله قد أصاب علي  جارية ، فأعرض عنه ، ثم قام الثاني ، فقال : صنع كذا وكذا ، فأعرض عنه ، ثم الثالث كذلك ، ثم الرابع ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم مغضبا ، فقال : " ما تريدون من علي  ، علي  مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن بعدي  " أخرجه أحمد  في " المسند "  [ ص: 233 ]  والترمذي  وحسنه ،  والنسائي   . وقالت زينب بنت كعب بن عجرة  ، عن أبي سعيد  ، قال : اشتكى الناس عليا  ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا ، فقال : " لا تشكوا عليا  ، فوالله إنه لأخشن في ذات الله ، أو في سبيل الله  " رواه سعد بن إسحاق  ، وابن عمه سليمان بن محمد ابنا كعب  ، عن عمتهما . 
ويروى عن عمرو بن شاس الأسلمي   : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من آذى عليا  فقد آذاني  " . 
وقال فطر بن خليفة  ، عن  أبي الطفيل  ، قال : جمع علي  رضي الله الناس في الرحبة  ، ثم قال لهم : أنشد الله كل امرئ سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم  ما سمع لما قام ، فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذه بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للناس : " أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم " قالوا : نعم يا رسول الله . قال : " من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه  " ثم قال لي  زيد بن أرقم   : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					