( اهدنا ) الهداية : الإرشاد والدلالة والتقدم ، ومنه الهوادي أو التبيين ، ( وأما ثمود فهديناهم ) أو الإلهام ( أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) ، قال المفسرون : معناه ألهم الحيوانات كلها إلى منافعها ، أو الدعاء ، ولكل قوم هاد أي داع ، والأصل في هدى أن يصل إلى ثاني معموله باللام ( يهدي للتي هي أقوم ) أو إلى ( لتهدي إلى صراط مستقيم ) ثم يتسع فيه فيعدى إليه بنفسه ، ومنه ( اهدنا الصراط ) ، ونا ضمير المتكلم ومعه غيره أو معظم نفسه . ويكون في موضع رفع ونصب وجر .
( الصراط ) الطريق ، وأصله بالسين من السرط ، وهو اللقم ، ومنه سمي الطريق لقما ، وبالسين على الأصل قرأ قنبل ورويس ، وإبدال سينه صادا هي الفصحى ، وهي لغة قريش ، وبها قرأ الجمهور ، وبها كتبت في الإمام ، وزايا لغة رواها عن الأصمعي أبي عمرو ، وإشمامها زايا لغة قيس ، وبه قرأ حمزة بخلاف وتفصيل عن رواته . وقال أبو يعلى : وروي عن أبي عمرو ، والسين والصاد والمضارعة بين الزاي والصاد ، ورواه عنه العريان عن أبي سفيان ، وروى عن الأصمعي أبي عمرو أنه قرأها بزاي خالصة . قال بعض اللغويين : ما حكاه في هذه القراءة خطأ منه إنما سمع الأصمعي أبا عمرو يقرؤها بالمضارعة فتوهمها زايا ، ولم يكن نحويا فيؤمن على هذا . وحكى هذا الكلام الأصمعي أبو علي عن ، وقال أبي بكر بن مجاهد في تفسيره ، وهو إمام من أئمة أبو جعفر الطوسي الإمامية : الصراط بالصاد لغة قريش ، وهي اللغة الجيدة ، وعامة العرب يجعلونها سينا ، والزاي لغة لعذرة وكعب وبني القين . وقال : وهذه القراءة تشير إلى أن قراءة من قرأ بين الزاي والصاد تكلف حرف بين حرفين ، وذلك صعب على اللسان ، وليس بحرف ينبني عليه الكلام ، ولا هو من حروف المعجم . ولست أدفع أنه من كلام فصحاء العرب ، إلا أن الصاد أفصح وأوسع ، ويذكر ويؤنث ، وتذكيره أكثر . وقال أبو بكر بن مجاهد : أهل الحجاز يؤنثون الصراط كالطريق والسبيل والزقاق والسوق ، أبو جعفر الطوسي وبنو تميم يذكرون هذا كله ويجمع في الكثرة على سرط ، نحو كتاب وكتب ، وفي القلة قياسه أسرطة ، نحو حمار وأحمرة ، هذا إذا كان الصراط مذكرا ، وأما [ ص: 26 ] إذا أنث فقياسه أفعل نحو ذراع وأذرع وشمال وأشمل . وقرأ زيد بن علي والضحاك ونصر بن علي عن الحسن : اهدنا صراطا مستقيما ، بالتنوين من غير لام التعريف ، كقوله : ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله ) .
( المستقيم ) استقام : استفعل بمعنى الفعل المجرد من الزوائد ، وهذا أحد معاني استفعل ، وهو أن يكون بمعنى الفعل المجرد ، وهو قام ، والقيام هو الانتصاب والاستواء من غير اعوجاج .