[ ص: 103 ] النوع الخامس .  
الفراشي والنومي      .  
ومن أمثلة الفراشي قوله :  والله يعصمك من الناس      [ المائدة : 67 ] كما تقدم . وآية الثلاثة الذين خلفوا ، ففي الصحيح :  أنها نزلت وقد بقي من الليل ثلثه ، وهو - صلى الله عليه وسلم - عند   أم سلمة     .  
واستشكل الجمع بين هذا وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حق  عائشة     :  ما نزل علي الوحي في فراش امرأة غيرها     .  
قال  القاضي جلال الدين     : ولعل هذا كان قبل القصة التي نزل الوحي فيها في فراش   أم سلمة     .  
قلت : ظفرت بما يؤخذ منه الجواب الذي أحسن من هذا ، فروى  أبو يعلى  في مسنده : عن  عائشة  قالت : " أعطيت تسعا . . " الحديث ، وفيه : "  وإن كان الوحي لينزل عليه وهو في أهله فينصرفون عنه ، وإن كان لينزل عليه وأنا معه في لحافه     " وعلى هذا لا معارضة بين الحديثين كما لا يخفى .  
وأما النومي : ففي أمثلته سورة الكوثر ، لما روى  مسلم ،  عن  أنس  قال :  بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا إذ غفا إغفاءة ، ثم رفع رأسه متبسما ، فقلنا : ما أضحك رسول الله ؟ فقال : أنزل علي آنفا سورة فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم  إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر      .  
وقال  الإمام الرافعي  في أماليه : فهم فاهمون من الحديث أن السورة نزلت في تلك      [ ص: 104 ] الإغفاءة ، وقالوا : من الوحي ما كان يأتيه في النوم; لأن  رؤيا الأنبياء   وحي . قال : وهذا صحيح ، لكن الأشبه أن يقال : إن القرآن كله نزل في اليقظة ، وكأنه خطر له في النوم سورة الكوثر المنزلة في اليقظة ، أو عرض عليه الكوثر الذي وردت فيه السورة ، فقرأها عليهم ، وفسرها لهم . ثم قال : وورد في بعض الروايات أنه أغمي عليه ، وقد يحمل ذلك على الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي ، ويقال : لها برجاء الوحي . انتهى .  
قلت : الذي قاله  الرافعي  في غاية الاتجاه ، وهو الذي كنت أميل إليه قبل الوقوف عليه ، والتأويل الأخير أصح من الأول ; لأن قوله : " أنزل علي آنفا " يدفع كونها نزلت قبل ذلك ، بل نقول : نزلت تلك الحالة ، ليس الإغفاء إغفاء نوم ، بل الحالة التي كانت تعتريه عند الوحي ، فقد ذكر العلماء أنه كان يؤخذ عن الدنيا .  
				
						
						
