: الهمزة
تأتي على وجهين :
أحدهما : الاستفهام ، وحقيقته طلب الإفهام ، وهي أصل أدواته ، ومن ثم اختصت بأمور :
أحدها : جواز حذفها ، كما سيأتي في النوع السادس والخمسين .
ثانيها : أنها ترد لطلب التصور والتصديق ، بخلاف ( هل ) ، فإنها للتصديق خاصة ، وسائر الأدوات للتصور خاصة . :
ثالثها : أنها تدخل على الإثبات ، نحو : أكان للناس عجبا [ يونس : 2 ] آلذكرين حرم [ الأنعام : 143 ] وعلى النفي ، نحو : ألم نشرح [ الشرح : 1 ] وتفيد حينئذ معنيين :
أحدهما : التذكر والتنبيه كالمثال المذكور ، وكقوله تعالى : ألم تر إلى ربك كيف مد الظل [ الفرقان : 45 ] .
والآخر : التعجب من الأمر العظيم ، كقوله تعالى : ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت [ البقرة : 243 ] وفي كلا الحالين هي تحذير ، نحو : ألم نهلك الأولين [ المرسلات : 16 ] : .
رابعها : تقديمها على العاطف تنبيها على أصالتها في التصدير ، نحو : أوكلما عاهدوا عهدا [ البقرة : 100 ] أفأمن أهل القرى [ الأعراف : 97 ] أثم إذا ما وقع [ يونس : 51 ] وسائر أخواتها يتأخر عنه ، كما هو قياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة ، نحو : فكيف تتقون [ المزمل : 17 ] فأين تذهبون [ التكوير : 26 ] فأنى تؤفكون [ الأنعام : 95 ] فهل يهلك [ الأحقاف : 35 ] فأي الفريقين [ الأنعام : 81 ] فما لكم في المنافقين [ النساء : 88 ] . :
خامسها : أنه لا يستفهم بها حتى يهجس في النفس إثبات ما يستفهم عنه ، بخلاف ( هل ) فإنه لما لا يترجح عنده فيه نفي ولا إثبات . حكاه أبو حيان عن بعضهم . :
سادسها : أنها تدخل على الشرط ، نحو : أفإن مت فهم الخالدون [ الأنبياء : 34 ] أفإن مات أو قتل انقلبتم [ آل عمران : 144 ] بخلاف غيرها . :
وتخرج عن الاستفهام الحقيقي ، فتأتي لمعان تذكر في النوع السابع والخمسين .
[ ص: 456 ] فائدة : إذا دخلت على ( رأيت ) امتنع أن تكون من رؤية البصر أو القلب ، وصار بمعنى ( أخبرني ) وقد تبدل ( هاء ) وخرج على ذلك قراءة ( ها أنتم هؤلاء ) [ آل عمران : 66 ] بالقصر ، وقد تقع في القسم ، ومنه ما قرئ [ المائدة : 106 ] : ولا نكتم شهادة [ المائدة : 106 ] بالتنوين ( آلله ) بالمد . قنبل
الثاني من وجهي الهمزة : أن تكون حرفا ينادى به القريب ، وجعل منه الفراء قوله تعالى أمن هو قانت آناء الليل ساجدا [ الزمر : 9 ] على قراءة تخفيف الميم أي : صاحب هذه الصفات .
قال هشام : ويبعده أنه ليس في التنزيل نداء بغير ( ياء ) ويقربه سلامته من دعوى المجاز ، إذ لا يكون الاستفهام منه تعالى على حقيقته ، ومن دعوى كثرة الحذف ، إذ التقرير عند من جعلها للاستفهام : أمن هو قانت خير أم هذا الكافر . أي : المخاطب بقوله : قل تمتع بكفرك قليلا [ الزمر : 8 ] فحذف شيئان : معادل الهمزة والخبر .