: إن : بالكسر والتخفيف ، على أوجه
الأول : أن تكون شرطية ، نحو : إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف [ الأنفال : 38 ] وإن يعودوا فقد مضت [ الأنفال : 38 ] ، وإذا دخلت على ( لم ) فالجزم بلم لا بها . نحو : فإن لم تفعلوا [ البقرة : 24 ] ، أو على لا ، فالجزم بها لا بلا ، نحو : وإلا تغفر لي [ هود : 47 ] ، إلا تنصروه [ التوبة : 40 ] . والفرق أن ( لم ) عامل يلزم معموله ولا يفصل بينهما بشيء ، و ( إن ) يجوز الفصل بينهما وبين معمولها بمعموله ، و ( لا ) لا تعمل الجزم إذا كانت نافية ، فأضيف العمل إلى إن .
الثاني : أن تكون نافية ، وتدخل على الاسمية والفعلية ، نحو : إن الكافرون إلا في غرور [ الملك : 20 ] إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم [ المجادلة : 2 ] إن أردنا إلا الحسنى [ التوبة : 107 ] إن يدعون من دونه إلا إناثا [ النساء : 117 ] .
[ ص: 475 ] قيل : ولا تقع إلا وبعدها ( إلا ) كما تقدم ، أو لما المشددة ، نحو : إن كل نفس لما عليها حافظ [ الطارق : 4 ] ، في قراءة التشديد ، ورد بقوله : إن عندكم من سلطان بهذا [ يونس : 68 ] وإن أدري لعله فتنة لكم [ الأنبياء : 111 ] .
ومما حمل على النافية قوله : إن كنا فاعلين [ الأنبياء : 17 ] . قل إن كان للرحمن ولد [ الزخرف : 81 ] ، وعلى هذا فالوقف هنا . ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه [ الأحقاف : 26 ] ، أي : في الذي ما مكناكم فيه . وقيل : هي زائدة ، ويؤيد الأول قوله : مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم [ الأنعام : 6 ] ، وعدل عن ( ما ) لئلا تتكرر فيثقل اللفظ .
قلت : وكونها للنفي هو الوارد عن ، كما تقدم في نوع الغريب من طريق ابن عباس . ابن أبي طلحة
وقد اجتمعت الشرطية والنافية في قوله : ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده [ فاطر : 41 ] .
وإذا دخلت النافية على الاسمية لم تعمل عند الجمهور ، وأجاز الكسائي إعمالها عمل ليس ، وخرج عليه قراءة والمبرد : ( إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم ) . سعيد بن جبير
فائدة : أخرج عن ابن أبي حاتم مجاهد ، قال : كل شيء في القرآن ( إن ) فهو إنكار .
الثالث : أن تكون مخففة من الثقيلة ، فتدخل على الجملتين :
ثم الأكثر إذا دخلت على الاسمية إهمالها ، نحو : وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا [ الزخرف : 35 ] . وإن كل لما جميع لدينا محضرون [ يس : 32 ] . إن هذان لساحران [ طه : 63 ] ، في قراءة حفص وابن كثير .
وقد تعمل ، نحو : وإن كلا لما ليوفينهم [ هود : 111 ] في قراءة الحرميين .
وإذا دخلت على الفعل ، فالأكثر كونه ماضيا ناسخا ، نحو : وإن كانت لكبيرة [ البقرة : 143 ] وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك [ الإسراء : 73 ] وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين [ الأعراف : 102 ] . ودونه أن يكون مضارعا ناسخا ، نحو : وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك [ القلم : 51 ] وإن نظنك لمن الكاذبين [ الشعراء : 186 ] .
وحيث وجدت ( إن ) وبعدها ( اللام المفتوحة ) فهي المخففة من الثقيلة .
الرابع : أن تكون زائدة ، وخرج عليه : فيما إن مكناكم فيه [ الأحقاف : 26 ] .
الخامس : أن تكون للتعليل كإذ ، قاله الكوفيون . وخرجوا عليه قوله تعالى : واتقوا الله إن كنتم مؤمنين [ المائدة : 57 ] . لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين [ الفتح : 27 ] .
وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين [ آل عمران : 139 ] . ونحو ذلك ، مما الفعل فيه محقق الوقوع .
[ ص: 476 ] وأجاب الجمهور عن آية المشيئة : بأنه تعليم للعباد كيف يتكلمون إذا أخبروا عن المستقبل ، أو بأن أصل ذلك الشرط ، ثم صار يذكر للتبرك ، أو أن المعنى : لتدخلن جميعا إن شاء الله ألا يموت منكم أحد قبل الدخول . وعن سائر الآيات بأنه شرط جيء به للتهييج والإلهاب ، كما تقول لابنك : إن كنت ابني فأطعني .
السادس : أن تكون بمعنى قد ، ذكره قطرب ، وخرج عليه : فذكر إن نفعت الذكرى [ الأعلى : 9 ] . أي قد نفعت ، ولا يصح معنى الشرط فيه ، لأنه مأمور بالتذكير على كل حال .
وقال غيره : هي للشرط ، ومعناه : ذمهم واستبعاد لنفع التذكير فيهم . وقيل : التقدير : وإن لم تنفع ، على حد قوله : سرابيل تقيكم الحر [ النحل : 81 ] .
فائدة : قال بعضهم : وقع في القرآن ( إن ) بصيغة الشرط ، وهو غير مراد ، في ستة مواضع :
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا [ النور : 33 ] . واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون [ النحل : 114 ] . وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان [ البقرة : 283 ] . إن ارتبتم فعدتهن [ الطلاق : 4 ] . أن تقصروا من الصلاة إن خفتم [ النساء : 101 ] . وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا [ البقرة : 228 ] .