لن
: حرف نفي ونصب واستقبال ، والنفي بها أبلغ من النفي بلا ، فهي لتأكيد النفي ، كما ذكره لن الزمخشري وابن الخباز ، حتى قال بعضهم : وإن منعه مكابرة ، فهي لنفي ( إني أفعل ) و ( لا ) لنفي ( أفعل ) كما في ( لم ) و ( لما ) .
قال بعضهم : العرب تنفي المظنون بلن ، والمشكوك بلا ، ذكره ابن الزملكاني في " التبيان " .
وادعى أيضا أنها لتأبيد النفي ، كقوله ( الزمخشري لن يخلقوا ذبابا ) [ الحج : 73 ] ولن تفعلوا [ البقرة : 24 ] .
وقال ابن مالك : وحمله على ذلك اعتقاده في : ( لن تراني ) [ الأعراف : 143 ] : أن الله لا يرى .
ورد غيره بأنها لو كانت للتأبيد لم يقيد منفيها باليوم في : ( فلن أكلم اليوم إنسيا ) [ مريم : 26 ] . ولم يصح التوقيت في : ( لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ) [ طه : 91 ] . ولكان ذكر ( الأبد ) في ولن يتمنوه أبدا [ البقرة : 95 ] . تكرارا ، والأصل عدمه . واستفادة التأبيد في : ( لن يخلقوا ذبابا ) [ الحج : 73 ] . ونحوه من خارج .
[ ص: 525 ] ووافقه على إفادة التأبيد ابن عطية ، وقال في قوله : ( لن تراني ) [ الأعراف : 143 ] : لو بقينا على هذا النفي لتضمن أن موسى لا يراه أبدا ولا في الآخرة ، لكن ثبت في الحديث المتواتر أن أهل الجنة يرونه .
وعكس ابن الزملكاني مقالة ، فقال : إن ( لن ) لنفي ما قرب ، وعدم امتداد النفي ، ولا يمتد معنى النفي ، قال : وسر ذلك أن الألفاظ مشاكلة للمعاني ، و ( لا ) آخرها الألف ، والألف يمكن امتداد الصوت بها ، بخلاف النون ، فطابق كل لفظ معناه . قال : ولذلك أتى ب ( لن ) حيث لم يرد به النفي مطلقا ، بل في الدنيا ، حيث قال : ( الزمخشري لن تراني ) [ الأعراف : 143 ] . وب ( لا ) في قوله : ( لا تدركه الأبصار ) [ الأنعام : 103 ] ، حيث أريد نفي الإدراك على الإطلاق ، وهو مغاير للرؤية . انتهى .
قيل : وترد ( لن ) للدعاء ، وخرج عليه : ( رب بما أنعمت علي فلن أكون ) [ القصص : 17 ] ، الآية .