باب جراح المكاتب
قال مالك أحسن ما سمعت في المكاتب يجرح الرجل جرحا يقع فيه العقل عليه أن المكاتب إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه وكان على كتابته فإن لم يقو على ذلك فقد عجز عن كتابته وذلك أنه ينبغي أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل الكتابة فإن هو عجز عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل وأمسك غلامه وصار عبدا مملوكا وإن شاء أن يسلم العبد إلى المجروح أسلمه وليس على السيد أكثر من أن يسلم عبده قال مالك في القوم يكاتبون جميعا فيجرح أحدهم جرحا فيه عقل قال مالك من جرح منهم جرحا فيه عقل قيل له وللذين معه في الكتابة أدوا جميعا عقل ذلك الجرح فإن أدوا ثبتوا على كتابتهم وإن لم يؤدوا فقد عجزوا ويخير سيدهم فإن شاء أدى عقل ذلك الجرح ورجعوا عبيدا له جميعا وإن شاء أسلم الجارح وحده ورجع الآخرون عبيدا له جميعا بعجزهم عن أداء عقل ذلك الجرح الذي جرح صاحبهم قال مالك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن المكاتب إذا أصيب بجرح يكون له فيه عقل أو أصيب أحد من ولد المكاتب الذين معه في كتابته فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم وأن ما أخذ لهم من عقلهم يدفع إلى سيدهم الذي له الكتابة ويحسب ذلك للمكاتب في آخر كتابته فيوضع عنه ما أخذ سيده من دية جرحه قال مالك وتفسير ذلك أنه كأنه كاتبه على ثلاثة آلاف درهم وكان دية جرحه الذي أخذها سيده ألف درهم فإذا أدى المكاتب إلى سيده ألفي درهم فهو حر وإن كان الذي بقي عليه من كتابته ألف درهم وكان الذي أخذ من دية جرحه ألف درهم فقد عتق وإن كان عقل جرحه أكثر مما بقي على المكاتب أخذ سيد المكاتب ما بقي من كتابته وعتق وكان ما فضل بعد أداء كتابته للمكاتب ولا ينبغي أن يدفع إلى المكاتب شيء من دية جرحه فيأكله ويستهلكه فإن عجز رجع إلى سيده أعور أو مقطوع اليد أو معضوب الجسد وإنما كاتبه سيده على ماله وكسبه ولم يكاتبه على أن يأخذ ثمن ولده ولا ما أصيب من عقل جسده فيأكله ويستهلكه ولكن عقل جراحات المكاتب وولده الذين ولدوا في كتابته أو كاتب عليهم يدفع إلى سيده ويحسب ذلك له في آخر كتابته
[ ص: 185 ]