الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رجلا من أسلم قال ما نمت هذه الليلة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم من أي شيء فقال لدغتني عقرب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنك لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1774 1726 - ( مالك عن سهيل بن أبي صالح ) ذكوان ( عن أبيه عن أبي هريرة : أن رجلا من أسلم ) - بفتح ، فسكون : قبيلة من خزاعة ، قال فيها - صلى الله عليه وسلم - : أسلم سالمها الله ، ( قال : ما نمت هذه الليلة ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أي شيء ؟ ) لم تنم ( فقال : لدغتني ) ، بدال مهملة فغين معجمة ، ( عقرب ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما ) - بالفتح ، وخفة الميم - ( إنك ) - بكسر الهمزة - إن [ ص: 540 ] جعلت أما بمعنى ألا الاستفتاحية ، وبفتحها ، إن جعلت بمعنى : حقا ، قاله ابن مالك في شرح الكافية ، ( لو قلت حين أمسيت ) ، أي دخلت في المساء : ( أعوذ بكلمات الله التامات ) ، وفي رواية : التامة بالإفراد ، قال الحكيم الترمذي : وهما بمعنى ، فالمراد بالجمع : الجملة ، وبالواحدة ما تفرق في الأمور في الأوقات ، وصفها بالتمام إشارة إلى أنها خالصة من الريب والشبه : ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ) ( سورة الأنعام : الآية 115 ) ، ( من شر ما خلق ) ، أي من شر خلقه ، وهو ما يفعله المكلفون من إثم ، ومضارة بعض لبعض من نحو : ظلم وبغي ، وقتل وضرب وشتم ، وغيرهم من نحو : لدغ ونهش وعض .

                                                                                                          ( لم يضرك ) بأن يحال بينك ، وبين كمال تأثيرها بحسب كمال التعوذ ، وقوته وضعفه ; لأن الأدوية الإلهية تمنع من الداء بعد حصوله ، وتمنع من وقوعه ، وإن وقع لم يضر .

                                                                                                          قال القرطبي : جربت ذلك ، فوجدته صدقا ، تركته ليلة فلدغتني عقرب فتفكرت ، فإذا أنا نسيت هذا التعوذ .

                                                                                                          قال الترمذي الحكيم : وهذا ، أي التعوذ بكلمات الله التامات مقام من بقي له التفات لغير الله ، أما من توغل في بحر التوحيد بحيث لا يرى في الوجود إلا الله ، لم يستعذ إلا بالله ، ولم يلتجئ إلا إليه ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما يرقى من هذا المقام قال : أعوذ بك منك ، والرجل المخاطب لم يبلغ ذلك ، وهذا الحديث رواه مسلم من وجه آخر عن أبي صالح عن أبي هريرة .




                                                                                                          الخدمات العلمية