الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وحدثني عن مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري nindex.php?page=hadith&LINKID=708618أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=treesubj&link=18135_18836لا يحل لمسلم أن يهاجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام
1682 1632 - ( مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد ) بتحتيتين بينهما زاي ( الليثي ) المدني نزيل الشام الثقة المتوفى سنة خمس أو سبع ومائة وقد جاز الثمانين .
( عن أبي أيوب ) خالد بن زيد بن كليب ( الأنصاري ) البدري من كبار الصحابة مات غازيا بالروم سنة خمسين وقيل : بعدها .
( nindex.php?page=hadith&LINKID=10354057أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لمسلم أن يهاجر ) كذا ليحيى ولغيره أن يهجر ( أخاه ) في الإسلام ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10354058فوق ثلاث ليال ) بأيامها وظاهره إباحة ذلك الثلاث لأن البشر لا بد له من غضب وسوء خلق فسومح تلك المدة ، قاله عياض ; لأن الغالب أن nindex.php?page=treesubj&link=18776_18836ما جبل عليه الإنسان من الغضب وسوء الخلق يزول من المؤمن أو يقل بعد الثلاث ، وقيل : يحتمل السكوت عن حكم الثلاث لتطلب واقتصر على ما وراءها وهذا على رأي من لا يقول بالمفهوم ، وفي قوله أخاه إشعار بالعلية ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10354059يلتقيان فيعرض هذا ) عن أخيه المسلم ( ويعرض هذا ) الآخر كذلك قال المازري : أصله أن يولي كل واحد منهما الآخر عرضه ، أي : جانبه ، انتهى .
وفي رواية : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354060فيصد هذا ويصد هذا " وهما بمعنى ، ويعرض بضم التحتية فيهما والجملة استئنافية بيان لصفة الهجر ، ويجوز أن يكون حالا من فاعل يهجر ومفعوله معا .
( وخيرهما ) أي : أفضلهما وأكثرهما ثوابا ( الذي يبدأ ) أخاه ( بالسلام ) لأنه فعل حسنة وتسبب إلى فعل حسنة وهي الجواب ، مع ما دل عليه ابتداؤه من حسن طويته وترك ما كرهه الشرع من الهجر والجفاء ، وهذه الجملة عطف على الجملة السابقة من حيث المعنى لما يفهم منها أن ذلك الفعل ليس بخير ، وعلى أن الأولى حال فهذه الثانية عطف على " لا [ ص: 412 ] يحل " .
وزاد الطبراني من وجه آخر عن الزهري بعد قوله بالسلام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354061يسبق إلى الجنة " .
ولأبي داود بسند صحيح عن أبي هريرة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10354062فإن مرت به ثلاث فلقيه فليسلم عليه فإن رد فقد اشتركا في الأجر وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم وخرج المسلم من الهجرة " قال ابن عبد البر : هذا العموم مخصوص بحديث كعب بن مالك ورفيقه حيث أمر صلى الله عليه وسلم أصحابه بهجرهم ، قال : وأجمع العلماء على أن nindex.php?page=treesubj&link=18837من خاف من مكالمة أحد وصلته ما يفسد عليه دينه أو يدخل عليه مضرة في دنياه أنه يجوز له مجانبته وبعده ، ورب هجر جميل خير من مخاطبة مؤذية .
وقال النووي : وردت الأحاديث بهجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة وأنه يجوز هجرانهم دائما ، nindex.php?page=treesubj&link=18836والنهي عن الهجران فوق ثلاث إنما هو لمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا ، وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائم انتهى .
وما زالت الصحابة والتابعون فمن بعدهم يهجرون من خالف السنة أو من دخل عليهم من كلامه مفسدة ، وأخذ بعضهم منه أن nindex.php?page=treesubj&link=18836ابتداء السلام أفضل من رده ، وتعقب بأنه ليس فيه ذلك إنما فيه أن المبتدئ خير من المجيب من حيث إنه ابتدأ بترك ما كرهه الشرع من التقاطع لا من حيث إنه مسلم .
قال الباجي وعياض وغيرهما : وفيه أن السلام يخرج من الهجران وهو قول مالك والأكثرين .
وقال أحمد وابن القاسم : لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولا .
وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى ، كلاهما عن مالك به ، وتابعه يونس والزبيدي وسفيان وعبد الرزاق ، كلهم عن الزهري عند مسلم قائلا بإسناد مالك ومثل حديثه إلا قوله : فيعرض هذا ويعرض هذا ، فإنهم جميعا قالوا : فيصد هذا ويصد هذا .