375 - ثم القراءة التي نعتها معظمهم عرضا سوى قرأتها
[ ص: 171 ] 376 - من حفظ أو كتاب أو سمعتا
والشيخ حافظ لما عرضتا 377 - أو لا ولكن أصله يمسكه
بنفسه أو ثقة ممسكه 378 - قلت كذا إن ثقة ممن سمع
يحفظه مع استماع فاقتنع 379 - وأجمعوا أخذا بها وردوا
نقل الخلاف وبه ما اعتدوا 380 - والخلف فيها هل تساوي الأولا
أو دونه أو فوقه فنقلا 381 - عن مالك وصحبه ومعظم
كوفة والحجاز أهل الحرم 382 - مع هما سيان البخاري
مع وابن أبي ذئب النعمان 383 - قد رجحا العرض وعكسه أصح
وجل أهل الشرق نحوه جنح 384 - وجودوا فيه : قرأت أو قري
مع " وأنا أسمع " ثم عبر 385 - بما مضى في أول مقيدا
قراءة عليه حتى منشدا 386 - أنشدنا قراءة عليه ، لا
سمعت لكن بعضهم قد حللا 387 - ومطلق التحديث والإخبار
منعه أحمد ذو المقدار 388 - والنسائي والتميمي يحيى
وابن المبارك الحميد سعيا 389 - وذهب الزهري والقطان
ومالك وبعده سفيان 390 - ومعظم الكوفة والحجاز
مع إلى الجواز 391 - البخاري وكذا وابن جريج الأوزاعي
مع ابن وهب 392 - والإمام الشافعي ومسلم وجل أهل الشرق
قد جوزوا أخبرنا للفرق 393 - وقد عزاه صاحب الإنصاف
من غير ما خلاف 394 - والأكثرين وهو الذي اشتهر للنسائي
مصطلحا لأهله أهل الأثر 395 - وبعض من قال بذا أعادا
قراءة الصحيح حتى عادا 396 - في كل متن قائلا أخبركا
إذ كان قال أولا حدثكا 397 - قلت وذا رأي الذين اشترطوا
إعادة الإسناد وهو شطط
( سوى ) بفتح المهملة والقصر على لغة ; أي : في تسميتها عرضا ( قرأتها ) أي : الأحاديث ، بنفسك على الشيخ ( من حفظ ) منك ( أو كتاب ) لك أو للشيخ أو لغيره ( أو ) [ بالنقل فيه وفيما قبله مع تنوين ما قبلهما ، وإن اتزن مع تركه بالقطع ] ( سمعتا ) بقراءة غيرك من كتاب كذلك ، أو حفظه أيضا ( والشيخ ) في حال التحديث ( حافظ لما عرضتا ) أو عرض غيرك عليه ( أو لا ) يحفظ ( ولكن ) يكون ( أصله ) معه ( يمسكه ) هو ( بنفسه أو ثقة ) ضابط ، غيره ( ممسكه ) كما سيأتي في أول الفروع الآتية قريبا .
( قلت ) : ( كذا ) الحكم ( إن ) كان ( ثقة ) ضابط ( ممن سمع ) معك ( يحفظه ) أي : المقروء ( مع استماع ) منه لما يقرأ وعدم غفلة عنه ( فاقتنع ) بذلك ، وإن لم يذكرها [ ص: 173 ] ، لكنه قد اكتفى بالثقة في إمساك الأصل ، فليكن في الحفظ كذلك ; إذ لا فرق ، وهو ظاهر . ولفارق أن يفرق بأن الحفظ خوان ، ولا ينفي هذا أرجحية بعض الصور ، كأن يكون الشيخ أو الثقة متميزا في الإمساك أو في الحفظ ، أو يجتمع لأحدهما الحفظ والإمساك . ابن الصلاح
( وأجمعوا ) أي : أهل الحديث ( أخذا ) أي : على الأخذ والتحمل ( بها ) أي : بالرواية عرضا وتصحيحها .
وممن صرح بذلك عياض ، فقال : لا خلاف أنها رواية صحيحة ( وردوا نقل الخلاف ) المحكي عن ، أبي عاصم النبيل ، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي ، ووكيع ومحمد بن سلام ; فإنه قال : أدركت مالكا ، فإذا الناس يقرءون عليه ، فلم أسمع منه لذلك ، وغيرهم من السلف من أهل العراق ممن كان يشدد ولا يعتد إلا بما سمعه من ألفاظ المشايخ ( وبه ) أي : بالخلاف ( ما اعتدوا ) لعلمهم بخلافه .
[ ص: 174 ] وكان مالك يأبى أشد الإباء على المخالف ويقول : كيف لا يجزيك هذا في الحديث ويجزيك في القرآن ، والقرآن العظيم أعظم ؟ ! ولذا قال بعض أصحابه : صحبته سبع عشرة سنة ، فما رأيته قرأ ( الموطأ ) على أحد ، بل يقرءون عليه .
وقال إبراهيم بن سعد : يا أهل العراق ، لا تدعون تنطعكم ، العرض مثل السماع . واستدل له أبو سعيد الحداد ، كما أخرجه البيهقي في المعرفة ، من طريق : سمعت ابن خزيمة يقول : قال البخاري أبو سعيد الحداد : عندي خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في القراءة على العالم ، فقيل له ، فقال قصة ضمام بن ثعلبة ، قال : آلله أمرك بها ؟ قال : ( ( نعم ) ) ، ورجع ضمام إلى قومه فقال لهم : " إن الله قد بعث رسولا ، وأنزل عليه كتابا ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه . فأسلموا عن آخرهم " .
قال : فهذا - أي : قول البخاري ضمام : آلله أمرك - قراءة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبر ضمام قومه بذلك ، فأجازوه ; أي : قبلوه منه .
( و ) لكن ( الخلف ) بينهم [ ص: 175 ] ( فيها ) أي : في القراءة عرضا ( هل تساوي ) القسم ( الأولا ) أي : السماع لفظا ( أو ) هي ( دونه أو فوقه فنقلا ) بالبناء للمفعول ; [ يعني : جاء ] ( عن ( وصحبه ) ، بل وأشباهه من مالك ) ، هو ابن أنس أهل المدينة وعلمائها كما قاله كالزهري عياض .
( و ) كذا عن ( معظم ) العلماء من أهل ( كوفة ) بفتح التاء غير منصرف كالثوري ( و ) من أهل ( الحجاز أهل الحرم ) أي : مكة ; ( مع ) الناقد الحجة كابن عيينة ) في جماعة من الأئمة أبي عبد الله ( البخاري ، أوردهم كالحسن البصري في أوائل صحيحه ، البخاري في رواية ( هما ) أي : إنهما في القوة والصحة ( سيان ) . ويحيى بن سعيد القطان
وممن رواه عن مالك ; فإنه قال : إنه سئل عن حديثه أسماع هو ؟ فقال : منه سماع ، ومنه عرض ، وليس العرض عندنا بأدنى من السماع . وهذا هو القول الأول ; إذ لكل واحد منهما وجه أرجحية ، ووجه مرجوحية ، فتعادلا . وحكاه إسماعيل بن أبي أويس البيهقي وعياض عن أكثر أئمة المحدثين ، والصيرفي عن نص . الشافعي
قال عوف الأعرابي : جاء رجل إلى فقال : يا الحسن البصري أبا سعيد ، منزلي بعيد ، والاختلاف علي يشق ، فإن لم تكن ترى بالقراءة بأسا قرأت عليك ، فقال : ما أبالي قرأت عليك أو قرأت علي ، قال : فأقول : حدثني الحسن ؟ [ ص: 176 ] قال : نعم . ويروى فيه حديث مرفوع عن علي وابن عباس ، لفظه : ( ( قراءتك على العالم وقراءة العالم عليك سواء ) ) ، ولا يصح رفعه . وأبي هريرة
والقول الثاني : الوقف ، حكاه بعضهم ، ( وابن أبي ذئب ) ، هو أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث القرشي العامري المدني ( مع ) الإمام ( قد رجحا العرض ) على السماع لفظا ، فروى أبي حنيفة ( النعمان ) بن ثابت السليماني من حديث قال : كان الحسن بن زياد أبو حنيفة يقول : قراءتك على المحدث أثبت وأوكد من قراءته عليك ; إنه إذا قرأ عليك فإنما يقرأ على ما في الصحيفة ، وإذا قرأت عليه فقال : حدث عني ما قرأت ، فهو تأكيد .
وعن قال : إذا قرأت علي شغلت نفسي بالإنصات لك ، وإذا حدثتك غفلت عنك . رواه موسى بن داود ثم الرامهرمزي عياض في آخرين من المدنيين [ ص: 177 ] وغيرهم في إحدى الروايتين عنه ، كيحيى بن سعيد بن فروخ القطان وابن جريج وشعبة محتجين بأن الشيخ لو سها لم يتهيأ للطالب الرد عليه ; إما لجهالته ، أو لهيبة الشيخ ، أو لظنه فيما يكون فيه المحل قابلا للاختلاف أن ذلك مذهبه .
وبهذا الأخير علل مالك إشارته بعدم الإمامة في لنافع القارئ المسجد النبوي ، وقال : المحراب موضع محنة ، فإن زللت في حرف وأنت إمام حسبت قراءة وحملت عنك - انتهى .
ويشهد للأخير أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة فترك آية ، فلما فرغ أعلمه بعض الصحابة بذلك ، فقال له : ( ( فهلا أذكرتنيها ؟ ) ) قال : كنت أراها نسخت . بخلاف ما إذا كان الطالب هو القارئ ; فإنه لا هيبة له ، ولا يعد خطؤه مذهبا ، أشار إليه عياض . وكذا قال : القراءة علي أثبت لي ، [ وأفهم لي ] ، من أن أتولى القراءة أنا . أبو عبيد القاسم بن سلام
ونحوه قول ابن فارس : السامع أربط جأشا ، وأوعى قلبا ، وشغل القلب وتوزع الفكر إلى القارئ أسرع ، فلذلك رجح . ونحوه قول من ذهب لترجيح استماع القرآن على قراءته ، المستمع غالبا أقوى على التدبر ، ونفسه أخلى وأنشط لذلك من القارئ ; لاشتغاله بالقراءة وأحكامها .
وهذا هو القول الثالث ، ونقله في غرائب الدارقطني مالك ، والخطيب [ ص: 178 ] في الكفاية عن مالك ، وكذا رويناه في الحث على الطلب للسليماني ، وفي الإلماع من طريق قال : قال لي القعنبي مالك : قراءتك علي أصح من قراءتي عليك .
ولكن المعروف عنه التسوية ، وما حكاه أبو خليفة عن أنه سمعه يقول : دخلت على عبد الرحمن بن سلام الجمحي مالك وعلى بابه من يحجبه وبين يديه يقول : حدثك ابن أبي أويس نافع ، حدثك ، حدثك فلان ، الزهري ومالك يقول : نعم . فلما فرغ قلت : يا أبا عبد الله ، عوضني مما حدثت بثلاثة أحاديث تقرؤها علي ، قال : أعراقي أنت ؟ أخرجوه عني . فمحتمل للتسوية ، أو ترجيح العرض .
بل قيل : إن الذي قاله أبو حنيفة إنما هو فيما إذا كان الشيخ يحدث من كتاب ، أما حيث حدث من حفظه فلا . ( وعكسه ) أي : ترجيح السماع لفظا على العرض ( أصح ) وأشهر ( وجل ) أي : معظم ( أهل الشرق ) وخراسان كما قاله عياض ( نحوه جنح ) ، لكن محله ما لم يعرض عارض يصير العرض أولى بأن يكون الطالب أعلم أو أضبط ونحو ذلك ، كأن يكون الشيخ في حال القراءة عليه أوعى وأيقظ منه في حال قراءته هو . وحينئذ فالحق أن كلما كان فيه الأمن من الغلط والخطأ أكثر كان أعلى مرتبة .
وأعلاها فيما يظهر أن يقرأ الشيخ من أصله ، وأحد السامعين يقابل بأصل آخر ; ليجتمع فيه اللفظ والعرض ( وجودوا فيه ) أي : ورأى أهل الحديث الأجود والأسلم في أداء ما سمع كذلك أن يقول : ( قرأت ) على فلان إن كان هو الذي [ ص: 179 ] قرأ ( أو قرئ ) على فلان إن كان بقراءة غيره ( مع ) بالسكون ، تصريحه بقوله : ( وأنا أسمع ) للأمن من التدليس .
قال : وهذا سائغ من غير إشكال . ( ثم عبر ) أيها المحدث ( بما مضى في أول ) أي : في القسم الأول ( مقيدا ) ذلك بقولك : ( قراءة عليه ) ، فقل : ثنا فلان بقراءتي عليه ، أو قراءة عليه وأنا أسمع ، أو أنا فلان بقراءتي أو قراءة عليه ، أو أنبأنا ، أو نبأنا فلان بقراءتي أو قراءة عليه ، [ أو قال لنا فلان بقراءتي أو قراءة عليه ] ، أو نحو ذلك ( حتى ) ولو كنت ( منشدا ) نظما لغيرك سمعته بقراءة غيرك أو قراءته ، فقل : ( أنشدنا ) فلان ( قراءة عليه ) ، [ أو بقراءتي ، أو سماعا عليه ] ، هذا مع ظهورها فيما ينشده الشيخ لفظا ( لا ) أي : إلا ( سمعت ) فلانا ; فإنهم [ مع شمول كلام ابن الصلاح لها ] استثنوها في العرض مما مضى في القسم الأول . ابن الصلاح
وصرح بعدم جوازها ( لكن بعضهم ) [ كالسفيانين أحمد بن صالح المصري ومالك فيما حكاه عياض عنهم ] ( قد حللا ) ذلك ، [ ص: 180 ] واستعمله بعض المتأخرين ، وهو كما قال ابن دقيق العيد في اقتراحه : " تسامح خارج عن الوضع ليس له وجه " ، قال : ولا أرى جوازه لمن اصطلحه لنفسه . نعم ، إن كان اصطلاحا عاما فقد يقرب الأمر فيه ، قال : ولا شك أن الاصطلاح واقع على قول المؤرخين في التراجم : سمع فلانا وفلانا ، من غير تقييد بسماعه من لفظه .
وبالجملة ، فالصحيح الأول ، وممن صححه ، واستبعد القاضي أبو بكر الباقلاني الخلاف ، وقال : ينبغي الجزم بعدم الجواز ; لأن " سمعت " صريحة في السماع لفظا ; يعني : كما تقدم . [ والظاهر أن ذلك عند الإطلاق ] ، وإلا فقد استعملها السلفي في كتابه ( الطباق ) فيقول : سمعت بقراءتي ، ولذا قال ابن أبي الدم ابن دقيق العيد : وربما قربه بعضهم بأن يقول : سمعت فلانا قراءة عليه . ونحوه صنيع النووي في جمعهما لمن قرأ عليه .
ولذلك فائدة جليلة ، وهو عدم اتصافه بما يمنع السماع ، بل ( ومطلق التحديث والإخبار ) ممن أخذ عرضا بدون تقييد بقراءته ، أو قراءة غيره وهو يسمع ( منعه ) الإمام ( ( ذو المقدار ) الجليل في المشهور عنه ( و ) كذا ( أحمد ) بن حنبل ) صاحب السنن على المشهور عنه أيضا ، كما صرح به النسائي النووي .
( و ) ممن منع أيضا [ ص: 181 ] ( التميمي ) بالسكون بنية الوقف ( يحيى ( الحميد سعيا ) أي : سعيه . قال وابن المبارك ) عبد الله الخطيب : وهو مذهب خلق من أصحاب الحديث . وقال : إنه الصحيح . القاضي أبو بكر الباقلاني
( وذهب ) ) ، الإمام أبو بكر محمد بن مسلم بن شهاب ( الزهري ) ، ويحيى بن سعيد ( القطان ، والثوري وأبو حنيفة في أحد قوليه ، وصاحباه ( في أحد قوليه ( وبعده ومالك ) ابن أنس ، سفيان ) بن عيينة ، والشافعي وأحمد ( ومعظم ) أهل ( الكوفة والحجاز ) مع ) صاحب الصحيح ( إلى الجواز ) لعدم الفرق بين الصيغتين كما في القسم قبله . الإمام ( البخاري
ولفظ : ما أبالي قراءة على المحدث أو حدثني ، كلاهما أقول فيه : ثنا . الزهري
وقال عثمان بن عبيد الله بن رافع : رأيت من يقرأ على حديثه عن الأعرج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقول : هذا حديثك يا أبي هريرة أبا داود ؟ وهي كنية الأعرج ، فيقول : نعم ، قال : فأقول : حدثني عبد الرحمن وقد قرأت عليك ؟ قال : نعم . وعليه استمر عمل المغاربة ، وكذا سوى بينهما يزيد بن هارون ، والنضر بن شميل ، ووهب بن جرير وثعلب ، وله فيه جزء سمعته ، واحتج له [ ص: 182 ] بآيات تقدم بعضها في القسم الأول ، وبغير ذلك . بل حكاه والطحاوي عياض عن الأكثرين ، والخطيب وابن فارس ، في جزء له سمعته سماه ( مآخذ العلم عن أكثر العلماء ) ، وصححه في مختصره . وسأل رجل ابن الحاجب : ما الفرق بينهما ؟ فقال : سوء الخلق . محمد بن نصر المروزي
وكذا ممن حكي عنه التسوية ، مع الحكاية عنه أولا لعدم قبوله العرض أصلا ، [ وكأن ذاك اختياره ، وذا مشيا منه على مذهب القائلين به ] ( أبو عاصم النبيل ) ، هو وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز المكي ، فيما حكاه الخطيب في جامعه وكفايته ، كما بينته في الحاشية ، ثم ( وكذا ) ابن الصلاح ، أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو ( الأوزاعي ) الشامي ( مع ) وابن معين في أحد قوليه ، ( الإمام أبي حنيفة وابن وهب ) عبد الله المصري .
( والإمام ) الأعظم ناصر السنة ( ) ، مع كون الشافعي الحاكم قد أدرجه في المسوين ( و ) مع ( مسلم ) صاحب الصحيح ( وجل ) أي : أكثر ( أهل الشرق قد جوزوا ) إطلاق ( أخبرنا ) دون حدثنا ( للفرق ) بينهما ، والتمييز بين النوعين .
واستشهد له بعض [ ص: 183 ] الأئمة بأنه لو قال : من أخبرني بكذا فهو حر ، ولا نية له ، فأخبره بذلك بعض أرقائه ، بكتاب أو رسول أو كلام ، عتق ، بخلاف ما لو قال : من حدثني بكذا فإنه لا يعتق ، إلا إن شافهه . زاد بعضهم : والإشارة مثل الخبر .
وقال ابن دقيق العيد : ثنا يعني في العرض بعيد من الوضع اللغوي ، بخلاف أنا فهو صالح لما حدث به الشيخ ، ولما قرئ عليه فأقر به ، فلفظ الإخبار أعم من التحديث ، فكل تحديث إخبار ، ولا ينعكس .
( وقد عزاه ) أي : القول بالفرق ، أبو عبد الله وأبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد بن خلاد التميمي المصري الجوهري صاحب ( الإنصاف ) فيما بين الأئمة في ثنا وأنا من الاختلاف ، وكتاب ( إجماع الفقهاء ) أيضا ( ل ) عصريه من غير ما خلاف ) أي : من غير حكاية خلافه عنه ، وكأنه لم يستحضر ما تقدم عنه مما هو أشهر من هذا . أبي عبد الرحمن ( النسائي
( والأكثرين ) [ أي : وعزاه التميمي أيضا للأكثرين ] من أصحاب الحديث الذين لا يحصيهم أحد ( وهو ) بضم الهاء على لغة أهل الحجاز ( الذي اشتهر ) وشاع ( مصطلحا ) أي : من جهة الاصطلاح ( لأهله أهل [ ص: 184 ] الأثر ) حيث جعلوا أنا علما يقوم مقام قوله : أنا قرأته ، لا أنه لفظ لي به . والاصطلاح لا مشاححة فيه ، بل خطأ من خرج عنه جماعة ، منهم ، والشيخ الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني ، وعبارة أولهما : لا يجوز فيما قرأ أو سمع أن يقول : ثنا ، ولا فيما سمع لفظا أن يقول : أنا ; إذ بينهما فرق ظاهر ، ومن لم يحفظ ذلك على نفسه كان من المدلسين . أبو إسحاق الشيرازي
لكن قد كان بعض المتأخرين يقول : إن كان الاصطلاح مباينا للغة مباينة كلية ، فهذا يشاحح فيه ، وإلا فلا . وقول هنا : " والاحتجاج لذلك من حيث اللغة فيه عناء وتكلف " ، يشعر بأنه لو تكلف له لأمكن أن يستخرج من اللغة ما يكون وجها للتفرقة بين اللفظين ، قال : " وخير ما يقال فيه : إنه اصطلاح منهم ، أرادوا به التمييز بين النوعين ، ثم خصص أولهما بالتحديث ; لقوة إشعاره بالنطق والمشافهة . ابن الصلاح
ويقال : إن ابن وهب أول من أحدث التفرقة بين اللفظين ، لا مطلقا ، [ بل بخصوص مصر ] ( وبعض من قال بذا ) أي : الفرق بين الصيغتين ، وهو أبو حاتم محمد بن يعقوب الهروي أحد رؤساء الحديث بخراسان ، فيما حكاه الخطيب [ ص: 185 ] عن شيخه عنه ( أعادا قراءة الصحيح ) البرقاني بعد قراءته له على بعض رواته عن للبخاري ( حتى عادا ) أي : رجع ( في كل متن ) حال كونه ( قائلا أخبركا ) الفربري ( إذ كان قال ) له ( أولا ) لظنه أنه سمعه من الفربري لفظا : ( حدثكا ) الفربري ، بل قال لشيخه الذي قرأ عليه : تسمعني أقول : حدثكم الفربري ، فلا تنكر علي ، مع علمك بأنك إنما سمعته منه قراءة عليه ؟ ! الفربري
قال : وهذا من أحسن ; أي : أبلغ ما يحكى عمن يذهب هذا المذهب . ابن الصلاح
( قلت : وذا رأي الذين اشترطوا إعادة الإسناد ) في كل حديث من الكتاب أو النسخة مع اتحاد السند ، وإلا لكان يكتفى بقوله : أخبركم بجميع صحيح الفربري من غير إعادة قراءة جميع الكتاب ، ولا تكرير الصيغة في كل حديث ( وهو ) أي : اشتراط الإعادة ( شطط ) لمجاوزته الحد ، والصحيح الاكتفاء بالإخبار أولا أو آخرا ، كما سيأتي في الرواية من النسخ التي إسنادها واحد . البخاري