الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( فإن أخذ من شارب حلال أو قلم أظافيره أطعم ما شاء ) والوجه فيه ما بينا ، ولا يعرى عن نوع ارتفاق ; لأنه يتأذى بتفث غيره ، وإن كان أقل من التأذي بتفث نفسه فيلزمه الطعام ( وإن قص أظافير يديه ورجليه فعليه دم ) ; لأنه من المحظورات لما فيه من قضاء التفث وإزالة ما ينمو من البدن ، فإذا قلمها كلها فهو ارتفاق كامل فيلزمه الدم ( ولا يزاد على دم إن حصل في مجلس واحد ) ; لأن الجناية من نوع واحد ، فإن كان في مجالس فكذلك عند محمد رحمه الله ; لأن مبناها على التداخل فأشبه كفارة الفطر إلا إذا تخللت الكفارة لارتفاع الأولى بالتكفير . وعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما اللهتجب أربعة دماء إن قلم في كل مجلس يدا أو رجلا ; لأن الغالب فيه معنى العبادة فيتقيد التداخل باتحاد المجلس كما في آي السجدة ( وإن قص يدا أو [ ص: 235 ] رجلا فعليه دم ) إقامة للربع مقام الكل كما في الحلق ( وإن قص أقل من خمسة أظافير فعليه صدقة ) معناه تجب بكل ظفر صدقة . وقال زفر رحمه الله : يجب الدم بقص ثلاثة منها ، وهو قول أبي حنيفة الأول ; لأن في أظافير اليد الواحدة دما ، والثلاث أكثرها ، وجه المذكور في الكتاب أن أظافير كف واحد أقل ما يجب الدم بقلمه ، وقد أقمناها مقام الكل فلا يقام أكثرها مقام كلها ; لأنه يؤدي إلى ما لا يتناهى ( وإن قص خمسة أظافير متفرقة من يديه ورجليه فعليه صدقة عند أبي حنيفة وأبي يوسف ) رحمهما الله( وقال محمد ) رحمه الله ( عليه دم ) اعتبارا بما لو قصها من كف واحد وبما إذا حلق ربع الرأس من مواضع متفرقة . ولهما أن كمال الجناية بنيل الراحة والزينة وبالقلم على هذا الوجه يتأذى ويشينه ذلك بخلاف الحلق ; لأنه معتاد على ما مر . وإذا تقاصرت الجناية تجب فيها الصدقة فيجب بقلم كل ظفر طعام مسكين وكذلك لو قلم أكثر من خمسة متفرقا إلا أن يبلغ ذلك دما فحينئذ ينقص عنه ما شاء .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية