[ ص: 205 ] كتاب الصلح
قال : ( : صلح مع إقرار ، وصلح مع سكوت ; وهو : أن لا يقر المدعى عليه ولا ينكر ، وصلح مع إنكار ، وكل ذلك جائز ) لإطلاق قوله تعالى: { الصلح على ثلاثة أضرب والصلح خير }ولقوله عليه الصلاة والسلام : { }. وقال كل صلح جائز فيما بين المسلمين ، إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا رحمه الله : لا يجوز مع إنكار أو سكوت لما روينا ، وهذا بهذه الصفة ; لأن البدل كان حلالا على الدافع حراما على الآخذ فينقلب الأمر ; ولأن المدعى عليه يدفع المال لقطع الخصومة عن نفسه وهذا رشوة . ولنا ما تلونا وأول ما [ ص: 206 ] روينا ، وتأويل آخره أحل حراما لعينه كالخمر أو حرم حلالا لعينه كالصلح على أن لا يطأ الضرة ; ولأن هذا صلح بعد دعوى صحيحة فيقضى بجوازه ; لأن المدعي يأخذه عوضا عن حقه في زعمه وهذا مشروع والمدعى عليه يدفعه لدفع الخصومة عن نفسه وهذا مشروع أيضا ، إذ المال وقاية الأنفس ودفع الرشوة لدفع الظلم أمر جائز . الشافعي
قال : ( فإن وقع الصلح عن إقرار اعتبر فيه ما يعتبر في البياعات إن وقع عن مال بمال ) لوجود معنى البيع ، وهو مبادلة المال بالمال في حق المتعاقدين بتراضيهما ( فتجرى فيه الشفعة إذا كان عقارا ويرد بالعيب ويثبت فيه خيار الشرط والرؤية ويفسد جهالة البدل ) ; لأنها هي المفضية إلى المنازعة دون جهالة المصالح عنه ; لأنه يسقط ، ويشترط القدرة على تسليم البدل ( وإن وقع عن مال بمنافع يعتبر بالإجارات ) لوجود معنى الإجارة ، وهو تمليك المنافع بمال والاعتبار في العقود لمعانيها فيشترط التوقيت فيها ويبطل الصلح بموت أحدهما في المدة ; لأنه إجارة .
قال : ( لافتداء اليمين وقطع الخصومة وفي حق المدعي لمعنى المعارضة ) لما بينا . والصلح عن السكوت والإنكار في حق المدعى عليه
( ويجوز أن يختلف حكم العقد في حقهما كما يختلف حكم الإقالة في حق المتعاقدين وغيرهما ) وهذا في الإنكار ظاهر وكذا في السكوت ; لأنه يحتمل الإقرار والجحود فلا يثبت كونه عوضا في حقه بالشك .
[ ص: 203 - 205 ]