قال : ( ) ; لأن الشفعة عندنا إنما تجب في مبادلة المال بالمال لما بينا وهذه الأعواض ليست بأموال فإيجاب الشفعة فيها خلاف المشروع وقلب الموضوع . وعند ولا شفعة في الدار التي يتزوج الرجل عليها أو يخالع المرأة بها ، أو يستأجر بها دارا أو غيرها أو يصالح بها عن دم عمد أو يعتق عليها عبدا رحمه الله تجب فيها الشفعة ; لأن هذه الأعواض متقومة عنده ، فأمكن الأخذ بقيمتها إن تعذر بمثلها كما في البيع بالعرض ، بخلاف الهبة ; لأنه لا عوض فيها رأسا وقوله يتأتى فيما إذا جعل شقصا من دار مهرا أو ما يضاهيه ; لأنه لا شفعة [ ص: 439 ] عنده إلا فيه ; ونحن نقول : إن تقوم منافع البضع في النكاح وغيرها بعقد الإجارة ضروري ، فلا يظهر في حق الشفعة ، وكذا الدم والعتق غير متقوم ; لأن القيمة ما يقوم مقام غيره في المعنى الخاص المطلوب ولا يتحقق فيهما ، وعلى هذا إذا تزوجها بغير مهر ثم فرض لها الدار مهرا ; لأنه بمنزلة المفروض في العقد في كونه مقابلا بالبضع بخلاف ما إذا باعها بمهر المثل أو بالمسمى ; لأنه مبادلة مال بمال ; ولو تزوجها على دار على أن ترد عليه ألفا فلا شفعة في جميع الدار عند الشافعي رحمه الله . وقالا : تجب في حصة الألف ; لأنه مبادلة مالية في حقه ; وهو يقول : معنى البيع فيه تابع ، ولهذا ينعقد بلفظ النكاح ولا يفسد بشرط النكاح فيه ولا شفعة في الأصل ، فكذا في التبع ; ولأن الشفعة شرعت في المبادلة المالية المقصودة حتى أن المضارب إذا باع دارا وفيها ربح لا يستحق رب المال الشفعة في حصة الربح لكونه تابعا فيه . أبي حنيفة
قال : ( أو يصالح عليها بإنكار فإن صالح عليها بإقرار وجبت الشفعة ) قال رضي الله عنه : هكذا ذكر في أكثر نسخ المختصر . والصحيح أو يصالح عنها بإنكار مكان قوله أو يصالح عليها ; لأنه إذا صالح عنها بإنكار بقي الدار في يده فهو يزعم أنها لم تزل عن ملكه ، وكذا إذا صالح عنها بسكوت ; لأنه يحتمل [ ص: 440 ] أنه بذل المال افتداء ليمينه وقطعا لشغب خصمه ، كما إذا أنكر صريحا ، بخلاف ما إذا صالح عنها بإقرار ; لأنه معترف بالملك للمدعي وإنما استفاده بالصلح فكان مبادلة مالية ، أما إذا صالح عليها بإقرار أو سكوت أو إنكار وجبت الشفعة في جميع ذلك ; لأنه أخذها عوضا عن حقه في زعمه إذا لم يكن من جنسه فيعامل بزعمه .