الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ويذبح عن كل واحد منهم شاة أو يذبح بقرة أو بدنة عن سبعة ) والقياس أن لا تجوز إلا عن واحد ; لأن الإراقة واحدة وهي القربة إلا أنا تركناه بالأثر ، وهو ما روي عن جابر رضي الله عنه أنه قال : { نحرنا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام [ ص: 78 ] البقرة عن سبعة والبدنة عن سبعة }. ولا نص في الشاة فبقي على أصل القياس . وتجوز عن خمسة أو ستة أو ثلاثة ذكره محمد رحمه الله في الأصل ; لأنه لما جاز عن سبعة فعمن دونهم أولى ، ولا تجوز عن ثمانية أخذا بالقياس فيما لا نص فيه ، وكذا إذا كان نصيب أحدهم أقل من السبع ، ولا تجوز عن الكل لانعدام وصف القربة في البعض ، وسنبينه من بعد إن شاء الله تعالى .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثالث : روي عن جابر قال : { نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم البقرة عن سبعة ، والبدنة عن سبعة }; قلت : أخرجه الجماعة إلا البخاري عن مالك بن أنس عن أبي الزبير عن جابر . قال : { نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ، البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة }انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ لمسلم : عن زهير عن أبي الزبير عن جابر ، قال : { خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل ، والبقر ، كل سبعة منا في بدنة }انتهى

                                                                                                        أخرجه مسلم ، والنسائي في " الحج " ، والباقون في " الضحايا " ، [ ص: 78 ] وأخرج أبو داود ، في " الأضحية " ، والنسائي في " الحج " عن قيس عن عطاء عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { البقر عن سبعة ، البدنة عن سبعة }انتهى . وأخرجه الدارقطني في " سننه " عن مجالد عن الشعبي عن جابر مرفوعا ، نحوه سواء ; وأخرج الطبراني في " معجمه " عن جعفر بن جميع عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود مرفوعا ، نحوه سواء ; ويشكل على المذهب في منعهم البدنة عن عشرة ما أخرجه الترمذي ، والنسائي ، وأحمد في " مسنده " ، وابن حبان في " صحيحه " عن علياء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : { كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فحضر الأضحى ، فاشتركنا في البقرة سبعة وفي الجزور عشرة }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : حديث حسن غريب ، قال البيهقي في " المعرفة " : وحديث زهير عن أبي الزبير عن جابر في اشتراكهم وهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجزور عن سبعة أصح ، أخرجه مسلم ، ثم روى من طريق ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن مروان بن الحكم ، والمسور بن مخرمة { أن رسول الله خرج يريد زيارة البيت ، وساق معه الهدي سبعين بدنة عن سبعمائة رجل ، كل بدنة عن عشرة }.

                                                                                                        قال البيهقي : وقد رواه معمر ، وسفيان بن عيينة عن الزهري بهذا الإسناد ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عام الحديبية في بضع عشرة مائة } ، وعلى ذلك يدل رواية جابر ، وسلمة بن الأكوع ، ومعقل بن يسار ، [ ص: 79 ] والبراء بن عازب ، وكلهم شهدوا الحديبية ، وكأنهم نحروا السبعين عن بعضهم ، ونحروا البقر عن الباقين ، عن كل سبعة بقرة انتهى .

                                                                                                        وقال الواقدي في " المغازي " : رواية من روى البدنة عن سبعة أثبت من الذين رووا عن عشرة ، فإن الهدي كان يومئذ سبعين بدنة .

                                                                                                        والقوم كانوا ست عشرة مائة انتهى .

                                                                                                        وأخرج الحاكم في " المستدرك " عن محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر ، قال : { نحرنا يوم الحديبية سبعين بدنة ، البدنة عن عشرة ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليشترك البقر في الهدي }انتهى .

                                                                                                        وقال صحيح : على شرط مسلم ، ثم أخرجه عن الحسين بن واقد عن عكرمة عن ابن عباس ، { قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فحضر النحر ، فاشتركنا في البقرة عن سبعة ، وفي الجزور عن عشرة } ، انتهى وقال : على شرط البخاري ، ويشكل على المذهب أيضا في منعهم الشاة لأكثر من واحد ، بالأحاديث المتقدمة عن { النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبش عنه ، وعن أمته } ، وأخرج الحاكم عن أبي عقيل زهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام ، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم { وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير ، فمسح رأسه ، ودعا له ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله }انتهى

                                                                                                        وقال : صحيح الإسناد ، وهو خلاف من يقول : إنها لا تجزئ إلا عن الواحد انتهى كلامه .




                                                                                                        الخدمات العلمية