الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( وإذا قتل ولي المعتوه فلأبيه أن يقتل ) لأنه من الولاية على النفس شرع لأمر راجع إليها وهو تشفي الصدر فيليه كالإنكاح ( وله أن يصالح ) لأنه أنظر في حق المعتوه وليس له أن يعفو لأن فيه إبطال حقه ( وكذلك إن قطعت يد المعتوه عمدا ) لما ذكرنا ( والوصي بمنزلة الأب في جميع ذلك إلا أنه لا يقتل ) لأنه ليس له ولاية على نفسه ، وهذا من قبيله ويندرج تحت الإطلاق الصلح على النفس واستيفاء القصاص في الطرف ، فإنه لم يستثن إلا القتل ، وفي كتاب الصلح أن الوصي لا يملك الصلح ، لأنه تصرف في النفس بالاعتياض عنه فينزل منزلة الاستيفاء ، ووجه المذكور هاهنا أن المقصود من الصلح المال ، وأنه يجب بعقده كما يجب بعقد الأب بخلاف القصاص ، لأن المقصود التشفي وهو مختص بالأب ولا يملك العفو ، لأن الأب لا يملكه لما فيه من الإبطال فهو أولى ، وقالوا : القياس أن لا يملك الوصي الاستيفاء في الطرف كما لا يملكه في النفس ، لأن المقصود متحد وهو التشفي ، وفي الاستحسان يملكه لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال فإنها خلقت وقاية للأنفس كالمال على ما عرف ، فكان استيفاؤه بمنزلة التصرف في المال والصبي بمنزلة المعتوه في هذا ، والقاضي بمنزلة الأب في الصحيح ، ألا ترى أن من قتل ولا ولي له يستوفيه السلطان والقاضي بمنزلته فيه .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية