[ ص: 480 ] كتاب المعاقل
المعاقل جمع معقلة ، وهي الدية : وتسمى الدية عقلا لأنها تعقل الدماء من أن تسفك : أي تمسك .
قال : ( ، والعاقلة الذين يعقلون ) يعني يؤدون العقل وهو الدية ، وقد ذكرناه في الديات . والأصل في وجوبها على العاقلة قوله عليه الصلاة والسلام في حديث والدية في شبه العمد والخطإ وكل دية تجب بنفس القتل على العاقلة حمل بن مالك رضي الله عنه للأولياء : " { }" لأن النفس محترمة لا وجه إلى الإهدار والخاطئ معذور ، وكذا الذي تولى شبه العمد نظر إلى الآلة فلا وجه إلى إيجاب العقوبة عليه ، وفي إيجاب مال عظيم إجحافه واستئصاله فيصير عقوبة فضم إليه العاقلة تحقيقا للتخفيف ، وإنما خصوا بالضم لأنه إنما قصر لقوة فيه ، وتلك بأنصاره ، وهم العاقلة ، فكانوا هم المقصرين في تركهم مراقبته فخصوا به . قوموا فدوه
قال : ( ) وأهل الديوان أهل الرايات ، وهم الجيش الذي كتبت أساميهم في الديوان ، وهذا عندنا . وقال والعاقلة أهل الديوان إن كان القاتل من أهل الديوان يؤخذ من عطاياهم في ثلاث سنين رحمه الله الدية على أهل العشيرة لأنه كان كذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نسخ بعده ولأنه صلة والأولى بها الأقارب . [ ص: 481 ] ولنا قضية الشافعي رضي الله عنه فإنه لما دون الدواوين جعل العقل على أهل الديوان وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم من غير نكير منهم وليس ذلك بنسخ بل هو تقرير معنى لأن العقل كان على أهل النصرة ، وقد كانت بأنواع بالقرابة والحلف والولاء والعد ، وفي عهد عمر رضي الله عنه قد صارت بالديوان فجعلها على أهله اتباعا للمعنى ، ولهذا قالوا لو كان اليوم قوم تناصرهم بالحرف فعاقلتهم أهل الحرفة ، وإن كان بالحلف فأهله والدية صلة كما قال لكن إيجابها فيما هو صلة ، وهو العطاء أولى منه في أصول أموالهم . [ ص: 482 ] والتقدير بثلاث سنين مروي عن النبي عليه الصلاة والسلام ومحكي عن عمر رضي الله عنه ولأن الأخذ من العطاء للتخفيف والعطاء يخرج في كل سنة مرة ( فإن خرجت العطايا في أكثر من ثلاث سنين أو أقل أخذ منها ) لحصول المقصود . وتأويله : إذا كانت العطايا للسنين المستقبلة بعد القضاء حتى لو اجتمعت في السنين الماضية قبل القضاء ثم خرجت بعد القضاء لا يؤخذ منها لأن الوجوب بالقضاء على ما نبين إن شاء الله تعالى ولو خرج للقاتل ثلاث عطايا في سنة واحدة معناه في المستقبل يؤخذ منها كل الدية لما ذكرنا ، وإذا كان جميع الدية في ثلاث سنين فكل ثلث منها في سنة ، وإن كان الواجب بالعقل ثلث دية النفس أو أقل كان في سنة واحدة ، وما زاد على الثلث إلى تمام الثلثين في السنة الثانية ، وما زاد على ذلك إلى تمام الدية في السنة الثالثة ، وما وجب على العاقلة من الدية أو على القاتل بأن قتل الأب ابنه عمدا فهو في ماله في ثلاث سنين . وقال عمر رحمه الله : ما وجب على القاتل في ماله فهو حال لأن التأجيل للتخفيف لتحمل العاقلة فلا يلحق به العمد المحض ، ولنا أن القياس يأباه والشرع ورد به مؤجلا فلا يتعداه ولو الشافعي فعلى كل واحد عشر الدية في ثلاث سنين اعتبارا للجزء بالكل ; إذ هو بدل النفس وإنما يعتبر مدة ثلاث سنين من وقت القضاء بالدية لأن الواجب الأصلي المثل والتحول إلى القيمة بالقضاء فيعتبر ابتداؤها من وقته كما في ولد المغرور . قتل عشرة رجلا خطأ
[ ص: 479 - 480 ]