الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ولو أوصى له بخدمة عبده ولآخر برقبته وهو يخرج من الثلث فالرقبة لصاحب الرقبة ، والخدمة عليها لصاحب الخدمة ، لأنه أوجب لكل واحد منهما شيئا معلوما عطفا منه لأحدهما على الآخر ، فتعتبر هذه الحالة بحالة الانفراد ، ثم لما صحت الوصية لصاحب الخدمة ، فلو لم يوص في الرقبة بشيء لصارت الرقبة ميراثا للورثة مع كون الخدمة للموصى له ، فكذا إذا أوصى بالرقبة لإنسان آخر إذ الوصية أخت الميراث من حيث إن الملك يثبت فيهما بعد الموت . ولها نظائر : وهو ما إذا أوصى بأمة لرجل وبما في بطنها لآخر وهي تخرج من الثلث أو أوصى لرجل بخاتم ولآخر بفصه أو قال : هذه القوصرة لفلان وما فيها من التمر لفلان كان كما أوصى ولا شيء لصاحب الظرف في المظروف في هذه المسائل كلها ، أما إذا فصل أحد الإيجابين عن الآخر فيها فكذلك الجواب عند أبي يوسف رحمه الله . وعلى قول محمد : الأمة للموصى له بها والولد بينهما نصفان ، وكذلك في أخواتها . لأبي يوسف رحمه الله أن بإيجابه في الكلام الثاني ، تبين أن مراده من الكلام الأول إيجاب الأمة للموصى له بها دون الولد ، وهذا البيان منه صحيح وإن كان مفصولا ، لأن الوصية لا تلزم شيئا في حال حياة الموصي : فكذا البيان المفصول فيه والموصول سواء كما في وصية الرقبة والخدمة . ولمحمد رحمه الله أن اسم الخاتم يتناول الحلقة والفص ، وكذلك اسم الجارية يتناولها وما في بطنها ، واسم القوصرة كذلك ، ومن أصلنا أن العام الذي موجبه ثبوت الحكم على سبيل الإحاطة بمنزلة الخاص فقد اجتمع في الفص وصيتان ، وكل منهما وصية بإيجاب على حدة ، فيجعل الفص بينهما نصفين ، ولا يكون إيجاب الوصية فيه للثاني رجوعا عن الأول ، كما إذا أوصى للثاني بالخاتم بخلاف الخدمة مع الرقبة لأن اسم الرقبة لا يتناول الخدمة ، وإنما يستخدمه الموصى له بحكم أن المنفعة حصلت على ملكه فإذا أوجب الخدمة لغيره لا يبقى للموصى له فيه حق ، بخلاف ما إذا كان الكلام موصولا لأن ذلك دليل التخصيص والاستثناء ، فتبين [ ص: 537 ] أنه أوجب لصاحب الخاتم الحلقة خاصة دون الفص .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية