قال : ( وصفة القران أن يهل بالعمرة والحج معا من الميقات ، ويقول [ ص: 205 ] عقيب الصلاة اللهم إني أريد الحج والعمرة فيسرهما لي وتقبلهما مني ) ; لأن القران هو الجمع بين الحج والعمرة من قولك : قرنت الشيء بالشيء إذا جمعت بينهما ، وكذا إذا أدخل حجة على عمرة قبل أن يطوف لها أربعة أشواط ; لأن الجمع قد تحقق إذ الأكثر منها قائم ، ومتى عزم على أدائهما يسأل التيسير فيهما وقدم العمرة على الحج فيه ; ولذلك يقول : لبيك بعمرة وحجة معا ; لأنه يبدأ بأفعال العمرة ، فكذلك يبدأ بذكرها وإن أخر ذلك في الدعاء والتلبية لا بأس به ; لأن الواو للجمع ; ولو نوى بقلبه ولم يذكرهما في التلبية أجزأه اعتبارا بالصلاة .
( فإذا دخل مكة ابتدأ فطاف بالبيت سبعة أشواط يرمل في الثلاث الأول منها ويسعى بعدها بين الصفا والمروة وهذه أفعال العمرة ، ثم يبدأ بأفعال الحج فيطوف طواف القدوم سبعة أشواط ويسعى بعده كما بينا في المفرد ويقدم أفعال العمرة ) لقوله تعالى: { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج }والقران في معنى المتعة ( ولا يحلق بين العمرة والحج ) ; لأن ذلك جناية على إحرام الحج ، وإنما يحلق في يوم النحر كما يحلق المفرد ويتحلل بالحلق عندنا لا بالذبح كما يتحلل المفرد ثم هذا مذهبنا .
وقال الشافعي رحمه الله : يطوف طوافا واحدا ويسعى سعيا واحدا لقوله عليه الصلاة والسلام { دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة }ولأن مبنى القران على التداخل حتى اكتفي فيه بتلبية واحدة وسفر واحد وحلق واحد فكذلك في الأركان . [ ص: 206 - 209 ] ولنا أنه لما طاف صبي بن معبد طوافين وسعى سعيين قال له عمر رضي الله عنه : هديت لسنة نبيك ، ولأن القران ضم عبادة إلى عبادة وذلك إنما يتحقق بأداء عمل كل واحد على الكمال ولأنه لا تداخل في العبادات المقصودة والسفر للتوسل والتلبية للتحريم ، والحلق للتحلل فليس هذه الأشياء بمقاصد بخلاف الأركان ، ألا ترى أن شفعي التطوع لا يتداخلان وبتحريمة واحدة يؤديان ، ومعنى ما رواه { دخل وقت العمرة في وقت الحج }.


