فصل : فإذا ثبت أن ستر العورة واجب انتقل الكلام إلى تقدير  العورة وتحديدها   ، فنبدأ بعورة  المرأة الحرة   لبداية الشافعي بها ، فالمرأة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها وكفيها إلى آخر مفصل الكوع ،  وقال  داود بن علي ،   وابن جرير الطبري      : العورة هي السوأتان القبل والدبر من الرجال والنساء والأحرار والعبيد ،  وقال  أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام   أحد الفقهاء السبعة  وأحمد بن حنبل      : جميع المرأة مع كفيها ووجهها عورة  ، فأما  داود   فاستدل بقوله تعالى :  فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة   قال : فلما غطيا القبل والدبر ، علم أن ما سواهما ليس بعورة ، وبما روي  أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا في بعض حوائط  المدينة   وفخذه مكشوفة ، فدخل  أبو بكر   ، رضي الله عنه ، فلم يغطه ، ثم دخل  عمر   ، رضي الله عنه ، فلم يغطه ، ثم دخل  عثمان   ، رضي الله عنه ، فغطاه رسول الله فقيل له : سترته من  عثمان   ولم تستره من  أبي بكر ،   وعمر   ، رضي الله عنهما ، فقال : ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة     " . قالوا : فلو كان الفخذان عورة ما استحسن ولا استجاز كشفه بحضرة  أبي بكر ،   وعمر   ، رضي الله عنهما  
والدلالة عليه قوله سبحانه :  ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها      [ النور : 31 ] . قال  ابن عباس      : منها الوجه والكفان  
وروت   أم سلمة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل فقيل له :  أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار ؟ فقال : نعم إذا كان الدرع سابغا يغطي قدميها  
وروى  مالك بن أنس   عن  أبي النضر   ، عن  زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد   عن أبيه قال :  مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم عند بئر حمل وأنا مكشوف الفخذ فقال : " غط فخذك فإنها عورة  
 [ ص: 168 ] وقد روى  عاصم بن ضمرة   عن  علي بن أبي طالب   ، عليه السلام ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  يا  علي   لا تنظر إلى فخد حي ولا ميت فإنها عورة  
فأما الآية فلا دلالة لهم فيها ، لأن قوله تعالى :  يخصفان عليهما من ورق الجنة      [ طه : 121 ] . المراد به على أبدانهما ، وأما الخبر فقد رواه  علي بن أبي طالب   ، كرم الله وجهه ، أنه كان مكشوف الساق ، فلما دخل  عثمان   ، رضي الله عنه ، غطاه والساق ليس بعورة على أنه لو صح ما رواه لاحتمل أمرين :  
أحدهما : أن  أبا بكر ،   وعمر   كانا من جهة لا يريان فخذه ودخل  عثمان   رضي الله عنه من جهة يشاهد فخذه  
والثاني : أن يكون قد كشف قميصه عن فخذه وستره بسراويله استئناسا بهما لأنهما صهراه ، فلما دخل  عثمان   عليه استحى فغطاه ، لأنه كان رجلا كثير الحياة ألا تراه صلى الله عليه وسلم وصفه بالحياء فقال : " إنعثمان   رضي الله عنه حيي " على أن المقصود بهذا الحديث  إكرام  عثمان   وإبانة فضله   
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					