المسألة السابعة
[ الصلاة على القبر ]
واختلفوا في ; فقال الصلاة على القبر لمن فاتته الصلاة على الجنازة مالك : لا يصلى على القبر . وقال أبو حنيفة : لا يصلي على القبر إلا الولي فقط إذا فاتته الصلاة على الجنازة ، وكان الذي صلى عليها غير [ ص: 200 ] وليها . وقال الشافعي وأحمد وداود وجماعة : يصلي على القبر من فاتته الصلاة على الجنازة . واتفق القائلون بإجازة الصلاة على القبر أن من شرط ذلك حدوث الدفن ، وهؤلاء اختلفوا في هذه المدة وأكثرها شهر .
وسبب اختلافهم : معارضة العمل للأثر . أما مخالفة العمل فإن ابن القاسم قال : قلت لمالك فالحديث الذي جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على قبر امرأة قال : قد جاء هذا الحديث وليس عليه العمل ، والصلاة على القبر ثابتة باتفاق من أصحاب الحديث ، قال : رويت الصلاة على القبر عن النبي - عليه الصلاة والسلام - من طرق ستة كلها حسان . وزاد بعض المحدثين ثلاثة طرق فذلك تسع . وأما أحمد بن حنبل البخاري ومسلم فرويا ذلك من طريق . وأما أبي هريرة مالك فخرجه مرسلا عن . وقد روى أبي أمامة بن سهل ابن وهب عن مالك مثل قول ، وأما الشافعي أبو حنيفة فإنه جرى في ذلك على عادته فيما أحسب - أعني : من رد أخبار الآحاد التي تعم بها البلوى إذا لم تنتشر ولا انتشر العمل بها ، وذلك أن عدم الانتشار إذا كان خبرا شأنه الانتشار قرينة توهن الخبر وتخرجه عن غلبة الظن بصدقه إلى الشك فيه أو إلى غلبة الظن بكذبه أو نسخه - .
قال القاضي : وقد تكلمنا فيما سلف من كتابنا هذا في وجه الاستدلال بالعمل ، وفي هذا النوع من الاستدلال الذي يسميه : الحنفية عموم البلوى ، وقلنا : إنها من جنس واحد .