ج - القول في السعي بين الصفا والمروة
والقول في السعي : في حكمه ، وفي صفته ، وفي شروطه ، وفي ترتيبه .
1 - القول في حكمه
أما حكمه : فقال مالك : هو واجب ، وإن لم يسع كان عليه حج قابل ، وبه قال والشافعي أحمد وإسحاق . وقال الكوفيون : هو سنة ، وإذا رجع إلى بلاده ولم يسع كان عليه دم . وقال بعضهم : هو تطوع ولا شيء على تاركه .
فعمدة من أوجبه : ما روي " " . روى هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسعى ويقول : اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي عن الشافعي عبد الله بن المؤمل ، وأيضا فإن الأصل أن أفعاله - عليه الصلاة والسلام - في هذه العبادة محمولة على الوجوب ، إلا ما أخرجه الدليل من سماع أو إجماع أو قياس عند أصحاب القياس .
وعمدة من لم يوجبه قوله - تعالى - : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) قالوا : إن معناه أن لا يطوف - وهي قراءة - ، وكما قال - سبحانه - : ( ابن مسعود يبين الله لكم أن تضلوا ) معناه : أي لئلا تضلوا ، وضعفوا حديث ابن المؤمل . وقالت عائشة : الآية على ظاهرها وإنما نزلت في الأنصار تحرجوا أن يسعوا بين الصفا والمروة على ما كانوا يسعون عليه في الجاهلية ; لأنه كان موضع ذبائح المشركين ، وقد قيل : إنهم كانوا لا يسعون بين الصفا والمروة تعظيما لبعض الأصنام ، فسألوا عن ذلك فنزلت هذه الآية مبيحة لهم ، وإنما صار الجمهور إلى أنها من أفعال الحج لأنها صفة فعله - صلى الله عليه وسلم - تواترت بذلك الآثار - أعني : وصل السعي بالطواف .