الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1752 - nindex.php?page=treesubj&link=29700_29720_29718_29716_32882_29676_33087 (إن الله تعالى قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده الذي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه وإن استعاذ بي لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته) (خ) عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة (صح)
(إن الله تعالى قال من عادى) من المعاداة ضد الموالاة (لي) متعلق بقوله (وليا) وهو من تولى الله بالطاعة فتولاه الله بالحفظ والنصر فالولي هنا القريب من الله باتباع أمره وتجنب نهيه وإكثار النفل مع كونه لا يفتر [ ص: 241 ] عن ذكره ولا يرى بقلبه سواه (فقد آذنته بالحرب) أي أعلمته بأني سأحاربه nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=279فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ومن حاربه الله أي عامله معاملة المحارب من التجلي عليه بمظاهر القهر والجلال وهذا في الغاية القصوى من التهديد والمراد nindex.php?page=treesubj&link=30483_30516_29676عادى وليا لأجل ولايته لا مطلقا فخرج نحو محاكمته لخلاص حق أو كشف غامض فلا يرد خصومة العمرين رضي الله عنهما nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي nindex.php?page=showalam&ids=18والعباس رضي الله عنهما ومعاداته لولايته إما بإنكارها عنادا أو حسدا أو بسبه أو شتمه ونحو ذلك من ضروب الإيذاء وإذا علم ما في معاداته من الوعيد علم ما في موالاته من الثواب nindex.php?page=treesubj&link=29700 (وما تقرب إلي عبدي بشيء) أي بفعل طاعة (أحب إلي مما افترضته عليه) أي من آدابه عينا أو كفاية لأنها الأصل الذي ترجع إليه جميع الفروع والأمر بها جازم يتضمن أمرين الثواب على فعلها والعقاب على تركها فالفرض كالأس والنفل كالبناء عليه (ولا يزال عبدي) الإضافة للتشريف (يتقرب) وفي رواية يتحبب (إلي بالنوافل) أي التطوع من جميع صنوف العبادة (حتى أحبه) بضم أوله وفتح ثالثه (فإذا أحببته) لتقربه إلي بما ذكر حتى قلبه بنور معرفتي (كنت) أي صرت (سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده الذي يبطش بها ورجله التي يمشي بها) يعني يجعل الله سلطان حبه غالبا حتى لا يرى ولا يسمع ولا يفعل إلا ما يحبه الله عونا له على حماية هذه الجوارح عما لا يرضاه أو هو كناية عن نصرة الله وتأييده وإعانته له في كل أموره وحماية سمعه وبصره وسائر جوارحه عما لا يرضاه وحقيقة القول ارتهان كلية العبد بمراضي الرب على سبيل الاتساع فإنهم إذا أرادوا اختصاص شيء بنوع اهتمام وعناية واستغراق فيه ووله به ونزوع إليه سلكوا هذا الطريق قال:
جنوني فيك لا يخفى. . . وناري فيك لا تخبو. . . وأنت السمع والناظر. . . والمهجة والقلب
ولمشائخ الصوفية رضي الله تعالى عنهم في هذا الباب فتوحات غيبية وإشارات ذوقية تهتز منها العظام البالية لكنها لا تصلح إلا لمن سلك سبيلهم فعلم مشربهم بخلاف غيرهم فلا يؤمن عليه من الغلط فيهوي في مهواة الحلول والاتحاد والحاصل أن nindex.php?page=treesubj&link=29700من تقرب إليه بالفرض ثم النفل قربه فرقاه من درجة الإيمان مقام الإحسان حتى يصير ما في قلبه من المعرفة يشاهده بعين بصيرته وامتلاء القلب بمعرفته يمحي كل ما سواه فلا ينطق إلا بذكره ولا يتحرك إلا بأمره فإن نظر فيه أو سمع فيه أو بطش فيه وهذا هو كمال التوحيد (وإن سألني لأعطينه) مسئوله كما وقع لكثير من السلف (وإن استعاذ بي) روي بنون وروي بموحدة تحتية والأول الأشهر (لأعيذنه) مما يخاف وهذا حال المحب مع محبوبه وفي وعده المحقق المؤكد بالقسم إيذان بأن من تقرب بما مر لا يرد دعاؤه (وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن) أي ما أخرت وما توقفت توقف المتردد في أمر أنا فاعله إلا في قبض نفس عبدي المؤمن أتوقف عليه حتى يسهل عليه ويميل قلبه إليه شوقا إلى انخراطه في سلك المقربين والتبوئ في أعلا عليين أو أراد بلفظ التردد إزالة كراهة الموت عن المؤمن بما يبتلى به من نحو مرض وفقر فأخذه المؤمن عما تشبث به من حب الحياة شيئا فشيئا بالأسباب المذكورة يشبه فعل المتردد فعبر به عنه (يكره الموت) لصعوبته وشدته ومرارته وشدة ائتلاف روحه لجسده وتعلقها به ولعدم معرفته بما هو صائر إليه بعده (وأنا أكره مساءته) وأريده له لأنه يورده موارد الرحمة والغفران والتلذذ [ ص: 242 ] بنعيم الجنان فالمراد nindex.php?page=treesubj&link=29700ما رددت شيئا بعد شيء مما أريد أن أفعله بعبدي كترددي في إزالة كراهة الموت عنه بأن يورد عليه حوادث يسأم معها الحياة ويتمنى الموت كما تمنى nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله وجهه الموت لاختلاف رعيته عليه وقتالهم له مع كونه الإمام الحق وقد يحدث الله بقلب عبده من الرغبة فيما عنده والشوق إليه ما يشتاق به إلى الموت فضلا عن كراهته فيأتيه وهو له مؤثر وإليه مشتاق وذلك من مكنون ألطافه فسبحان اللطيف الخبير وهذا أصل في السلوك كبير
(خ) في الرقائق (عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة) قال في الميزان غريب جدا ولولا هيبة الجامع الصحيح لعدوه من منكرات خالد بن مخلد لغرابة لفظه وانفراد nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك به وليس بالحافظ ولم يرد هذا المتن إلا بهذا الإسناد ولا خرجه غير nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري.