فيخرجها حتى من صندوق مقفل علم بها فيه يفتحه لنشرها ويظهر أنه إن أعطاه مفتاحه لزمه الفتح وإلا جاز له ثم رأيت ما يأتي وهو صريح فيه ( كي لا يفسدها الدود ، وكذا لبسها عند حاجتها ) إليه ، ولو في نحو نوم توقف الدفع عليه بأن تعين طريقا لدفع الدود بسبب ريح الآدمي بها ، نعم : إن لم يلق به لبسها ألبسها من يليق به بهذا القصد قدر [ ص: 116 ] الحاجة مع ملاحظته كذا أطلقه ( وعلى المودع ) بفتح الدال ( تعريض ثياب الصوف ) ونحوها من شعر ووبر وغيرهما ( للريح ) وإن لم يأمره المالك به الأذرعي بحثا فيحتمل تقييد وجوب الملاحظة بغير الثقة نظير ما مر أنه نهاه ويحتمل الفرق بأن ما هنا استعمال فاحتيط له وهو الأقرب فإن ترك ذلك ضمن ما لم ينهه وظاهر كلامهم أنه لا بد من نية نحو اللبس لأجل ذلك وإلا ضمن به ويوجه في حال الإطلاق بأن الأصل الضمان حتى يوجد صارف له ويؤيده قول الأذرعي السابق بهذا القصد .
ولو لم يندفع نحو الدود إلا بلبس تنقص به قيمتها نقصانا فاحشا فهل يفعله مع ذلك كما هو مقتضى إطلاقهم ، أو يتعين بيعها أخذا مما مر عن الأنوار كل محتمل ، ولو قيل يتعين الأصلح لم يبعد ، ولو خاف من نحو النشر ، أو اللبس ظالما عليها ولم يتيسر دفعها لنحو مالكها تعين البيع فيما يظهر وأفهم قوله كي لا إلى آخره وجوب ركوب دابة أو تسييرها خوفا عليها من الزمانة ، ولو تركها لكونها بنحو صندوق ولم يعلم بها ، أو لم يعطه مفتاحه لم يضمنها ، ولو ترك الوديع شيئا مما لزمه لجهله بوجوبه عليه وعذر لنحو بعده عن العلماء ففي تضمينه وقفة لكنه مقتضى إطلاقهم ، ولو قيل إن علم المالك ولم ينبهه فهو المقصر وإلا فالمقصر الوديع لم يبعد .
( ومنها أن يعدل عن الحفظ المأمور ) به من المودع ( وتلفت بسبب العدول ) المقصر هو به ( فيضمن ) لحصول التلف من جهة مخالفته وتقصيره ( فلو ضمن ) لذلك ( وإن تلف بغيره ) أي العدول ، أو الثقل كأن سرق وهو في بيت محرز من أي جانب كان أو صحراء من رأس الصندوق ( فلا ) يضمن ( على الصحيح ) ؛ لأنه زاد خيرا ولم يأت التلف مما عدل إليه ونحو الرقود وقفل القفلين زيادة في الحفظ فلا نظر لتوهم كونه إغراء للسارق عليها . قال لا ترقد على الصندوق ) بضم أوله وقد يفتح ( فرقد وانكسر بثقله وتلف ما فيه
أما إذا سرق من جانب صندوق من نحو صحراء فيضمن لكن إن سرق من جانب كان يرقد فيه عادة لو لم يرقد فوقه ؛ لأنه بالرقاد فوقه أخلى جانبه فنسب التلف لفعله بخلاف ما لو سرق من غير مرقده أو في بيت ، محرز أو لا مع نهي وإن سرق من محل مرقده ؛ لأنه زاد احتياطا ولم يحصل التلف بفعله ويضمن أيضا لو أمره بالرقاد أمامه فرقد فوقه [ ص: 117 ] فسرق من أمامه .
( وكذا لو قال لا تقفل عليه ) فأقفل ، أو ( قفلين ) بضم القاف ( فأقفلهما ) فلا ضمان لما مر بكسر الباء أشهر من ضمها ( الدراهم في كمك فأمسكها في يده فتلفت فالمذهب أنه ) أي الشأن ( إن ضاعت بنوم ونسيان ) الواو فيه بمعنى ، أو ( ضمن ) لحصول التلف من جهة المخالفة إذ لو ربطت لم تضع بأحد ذينك ( أو ) تلفت ( بأخذ غاصب فلا ) ضمان ؛ لأن اليد أمنع له من الربط ، نعم : إن نهاه عن أخذها بيده ضمن مطلقا وقضية المتن أنه إذا امتثل الربط لا يضمن مطلقا وفيه تفصيل هو أنه إن جعل الخيط من خارج الكم ضمن إن أخذها الطرار ؛ لأنه أغراه عليها بإظهارها له وإن استرسلت فلا إن أحكم الربط وإن جعله داخله انعكس الحكم ولا يشكل بأن المأمور به مطلق الربط . ( ولو قال اربط )
فإذا أتى به لم ينظر لجهات التلف كما ، ولو كان بغيرها لسلم ؛ لأن الربط من فعله وهو حرز من وجه دون وجه ، وقوله : " اربط " مطلق لا شمول فيه فإذا جاء التلف مما آثره ضمن ولا كذلك زوايا البيت ولأن الربط للعرف دخل في تخصيصه بالمحكم وإن شمل لفظه غيره ولا كذلك البيت إذ لا دخل للعرف في تخصيص بعض زواياه وإن فرض اختلافها بناء وقربا من الشارع على ما اقتضاه إطلاقهم ( ولو جعلها ) وقد قال له اربطها في كمك ( في جيبه ) وهو المعروف ، أو الذي بإزاء الحلق ( بدلا عن الربط في الكم ) فضاعت من غير ثقب فيه لما يأتي ( لم يضمن ) ؛ لأنه أحرز ما لم يكن واسعا غير مزرور ( تنبيه ) صريح كلامهم أن الواسع غير المزرور لا يكتفى به وإن ستر بثوب فوقه وأن الضيق أو المزرور يكفي وإن لم يستر وللنظر فيهما مجال ؛ لأن ستر الأول يمنع الأخذ منه غالبا لكنه لا يمنع السقوط منه بنوم ، أو نحوه وظهور الثاني مغر للطرار عليه وإن منع سقوطه ، ولو قيل في الأول يضمن إن سقط لا إن أخذه طرار وفي الثاني بالعكس لم يبعد ( وبالعكس ) [ ص: 118 ] بأن لو قال احفظه في البيت فوضعه بزاوية فانهدمت ( يضمن ) قطعا لما تقرر أن الجيب بشرطه أحرز منه ونازع أمره بوضعها في الجيب فربطها في الكم البلقيني فيما ذكر بأن الجيب وإن ضاق ليس أحرز من الربط في الكم ؛ لأن الجيب قد تتسرب الفضة منه بتقلب من نوم ونحوه وقد تؤخذ ويرد بمنع ما ذكره أن الفرض أن ضيقه يمنع سقوط ما فيه وإلا كان واسعا بالنسبة له وأيضا فالجيب أقرب إلى البدن الموجب لإحساس ذهاب ما فيه من الكم فاتجه إطلاقهم أن الجيب أحرز من الكم