الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو قال السدي : كانوا يتصدقون بما فضل عن العيال.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : {العفو} : ما لا يتبين خروجه من المال.

                                                                                                                                                                                                                                      عطاء، والحسن : {العفو} : ما ليس بإسراف.

                                                                                                                                                                                                                                      طاووس : {العفو} : اليسير من كل شيء.

                                                                                                                                                                                                                                      القاسم، وسالم: {العفو} : فضل المال، وما تصدق به عن ظهر غنى.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 479 ] وأصل {العفو} في اللغة: ما سهل، ويكون أيضا: الزيادة، ومنه قوله تعالى: حتى عفوا [الأعراف: 95] أي: كثروا.

                                                                                                                                                                                                                                      ونزل هذا قبل فرض الزكاة، فهو ندب، وقد روي عن ابن عباس والسدي : أن الآية منسوخة بالزكاة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد : إنه يراد به الصدقة المفروضة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس : لما نزلت: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما [النساء: 10] الآية; قالوا: هذه موجبة، فاعتزلوهم، فشق ذلك عليهم، فشكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      مالك : كان جل طعامهم التمر، وكان يكون لليتيم التمر يجده من حائطه، فيخلط ويؤكل، فيكون اليتيم الذي يأكل منه اليسير; لضعف أكله، فلما أنزل الله تعالى: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما [النساء: 10]; امتنعوا من مخالطتهم [ ص: 480 ] حتى نزلت هذه الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      فالآية ناسخة لما فعله المسلمون من اعتزال اليتامى، وهذا أحسن من جعلها ناسخة لقوله: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما [النساء: 10]; لأن أكل مال اليتيم ظلما غير خارج عن الصفة التي وصف الله بها أكل مال اليتيم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      روي: أن هذه الآية نزلت بسبب رجل يقال له: كناز بن الحصين الغنوي، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة سرا; ليخرج رجلا من أصحابه أسر، وكانت له بمكة امرأة كان يحبها في الجاهلية، يقال لها: عناق، فجاءته، فقال لها: إن الإسلام قد حرم ما كان في الجاهلية، قالت له: فتزوجني، فقال: حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: نزلت في الكفار كافة، ثم خص منها أهل الكتاب بالآية التي [ ص: 481 ] في (المائدة) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: نزلت في قريش، والعرب، وسائر عبدة الأوثان.

                                                                                                                                                                                                                                      وأفرد أهل الكتاب بإحلال نكاح نسائهم; إكراما للكتاب الذي في أيديهم، وروي معناه عن سعيد بن جبير، وقتادة، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس وغيره: هي منسوخة بالتي في (المائدة) [5]، وروي نحوه عن مالك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: بل هي ناسخة للتي في (المائدة) ، والتي في النساء قوله: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم [المائدة: 5]، روي ذلك عن عمر، وابن عمر رضي الله عنهما وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي: أن عمر فرق بين طلحة بن عبيد الله وبين يهودية، وبين حذيفة وبين نصرانية.

                                                                                                                                                                                                                                      وأكثر العلماء على جواز نكاح الذمية التي في دار الإسلام لضرورة وغير ضرورة، وكره ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما نكاح الذمية في دار الحرب، وكرهه [ ص: 482 ] مالك، إلا أن يعلم أنه يترك أن يخرج بها.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجمعوا على النهي عن نكاح نساء المجوس، وعلى تحريم نكاح نساء مشركي العرب، وعبدة الأوثان.

                                                                                                                                                                                                                                      وأكثر العلماء على كراهة تزويج إماء أهل الكتاب، وأجازه من غير كراهة أبو حنيفة وأصحابه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجمعوا على جواز وطئهن بملك اليمين، وكرهه الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأكثر العلماء على منع وطء المجوسية بملك اليمين، وأجازه طاووس .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا خلاف في تحريم وطء الكافر المسلمة، بنكاح أو ملك يمين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية