الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فصل [ طهارة الخمر بالاستحالة على وفق القياس ]

وعلى هذا الأصل فطهارة الخمر بالاستحالة على وفق القياس ، فإنها نجسة لوصف الخبث ، فإذا زال الموجب زال الموجب ، وهذا أصل الشريعة في مصادرها ومواردها بل وأصل الثواب والعقاب ، وعلى هذا فالقياس الصحيح تعدية ذلك إلى سائر النجاسات إذا استحالت ، وقد { نبش النبي صلى الله عليه وسلم قبور المشركين من موضع مسجده ، ولم ينقل التراب } وقد أخبر الله - سبحانه - عن اللبن أنه يخرج من بين فرث ودم ، وقد أجمع المسلمون على أن الدابة إذا علفت بالنجاسة ثم حبست وعلفت بالطاهرات حل لبنها ولحمها ، وكذلك الزرع [ ص: 298 ] والثمار إذا سقيت بالماء النجس ثم سقيت بالطاهر حلت لاستحالة وصف الخبث وتبدله بالطيب ، وعكس هذا أن الطيب إذا استحال خبيثا صار نجسا كالماء والطعام إذا استحال بولا وعذرة ، فكيف أثرت الاستحالة في انقلاب الطيب خبيثا ولم تؤثر في انقلاب الخبيث طيبا ؟

والله - تعالى - يخرج الطيب من الخبيث والخبيث من الطيب ، ولا عبرة بالأصل ، بل بوصف الشيء في نفسه ، ومن الممتنع بقاء حكم الخبث وقد زال اسمه ووصفه ، والحكم تابع للاسم والوصف دائر معه وجودا وعدما ، فالنصوص المتناولة لتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر لا تتناول الزروع والثمار والرماد والملح والتراب والخل لا لفظا ولا معنى ولا نصا ولا قياسا .

والمفرقون بين استحالة الخمر وغيرها قالوا : الخمر نجست بالاستحالة فطهرت بالاستحالة ، فيقال لهم : وهكذا الدم والبول والعذرة إنما نجست بالاستحالة فتطهر بالاستحالة ، فظهر أن القياس مع النصوص وأن مخالفة القياس في الأقوال التي تخالف النصوص .

التالي السابق


الخدمات العلمية