الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ومن nindex.php?page=treesubj&link=16773_16755_16763كسر لآخر شيئا ، أو جرح له عبدا ، أو حيوانا ، أو خرق له ثوبا ، قوم كل ذلك صحيحا مما جنى عليه ، ثم قوم كما هو الساعة ، وكلف الجاني أن يعطي صاحب الشيء ما بين القيمتين ولا بد ، ولا يجوز أن يعطي الشيء المجني عليه للجاني لما ذكرنا آنفا وإنما عليه أن يعتدي عليه بمثل ما اعتدى فقط ، وسواء كانت الجناية صغيرة أو كبيرة لا يحل هذا .
وللحنفيين هاهنا اضطراب وتخليط كثير ، كقولهم : من nindex.php?page=treesubj&link=10715_10714_10766_16773_10726_10721_10706_16763غصب ثوبا فإنه يرد إلى صاحبه فإن وجد وقد قطعه الغاصب فصاحب الثوب مخير بين أخذه كما هو وما نقصه القطع وبين أن يعطيه للغاصب ويضمنه قيمة الثوب ، فإن لم يوجد إلا وقد خاطه قميصا : فهو للغاصب بلا تخيير ، وليس عليه إلا قيمة الثوب .
وكذلك قولهم في الحنطة تغصب فتطحن ، والدقيق يغصب فيعجن ، واللحم يغصب فيطبخ ، أو يشوى .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ما في المجاهرة بكيد الدين أكثر من هذا ، ولا في تعليم الظلمة أكل أموال الناس أكثر من هذا ، فيقال لكل فاسق : إذا أردت أخذ قمح يتيم ، أو جارك ، وأكل غنمه ، واستحلال ثيابه ، وقد امتنع من أن يبيعك شيئا من ذلك فاغصبها ، واقطعها ثيابا على رغمه ، واذبح غنمه وأطبخها ، واغصبه حنطته واطحنها ، وكل كل ذلك حلالا طيبا ، وليس عليك إلا قيمة ما أخذت ، وهذا خلاف القرآن في نهيه تعالى أن نأكل أموالنا بالباطل ، وخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } و { nindex.php?page=hadith&LINKID=36820من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } . [ ص: 440 ] وما يشك أحد من أهل الإسلام في أن كل ثوب قطع من شقة فإنه لصاحب الشقة ، وكل دقيق طحن من حنطة إنسان فهو لصاحب الحنطة ، وكل لحم شوي فهو لصاحب اللحم - وهم يقرون بهذا ثم لا يبالون بأن يقولوا : الغصب ، والظلم ، والتعدي يحل أموال المسلمين للغصاب .
واحتجوا في ذلك بأمر القصعة المكسورة التي ذكرنا قبل وهم أول مخالف لذلك الخبر فخالفوه فيما فيه ، واحتجوا له فيما ليس فيه منه شيء .
واحتجوا أيضا بخبر { المرأة التي دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام فأخبرته أنها أرادت ابتياع شاة فلم تجدها فأرسلت إلى جارة لها : ابعثي إلي الشاة التي لزوجك فبعثت بها إليها فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة أن تطعم الأسارى } قال هذا الجاهل المفتري : فهذا يدل على أن حق صاحب الشاة قد سقط عنها إذ شويت .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا الخبر لا يصح ، لو صح لكان أعظم حجة عليهم ، لأنه خلاف لقولهم ، إذ فيه : أنه عليه السلام لم يبق ذلك اللحم في ملك التي أخذتها بغير إذن ربها ، وهم يقولون : إنه للغاصب حلال - وهذا الخبر فيه : أنه لم يأخذ رأيها في ذلك - فصح أنه ليس لها ، فهو حجة عليهم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : والمحفوظ عن الصحابة رضي الله عنهم خلاف هذا - : كما روينا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق نا nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلوا بأهل ماء وفيهم nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق ، فانطلق nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان فجعل يقول لهم : يكون كذا وكذا - وهم يأتونه بالطعام واللبن ، ويرسل هو بذلك إلى أصحابه - فأخبر nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر بذلك فقال : أراني آكل كهانة النعمان منذ اليوم ، ثم أدخل يده في حلقه فاستقاءه .
ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق في مغازيه عن nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك الأشجعي قال : كنت في غزوة ذات السلاسل فذكر قسمته الجزور بين القوم وأنهم أعطوه منها ، فأتى به إلى أصحابه فطبخوه فأكلوه ، ثم سأله nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر عنه ؟ فأخبرهما ، فقالا له : والله ما أحسنت حين أطعمتنا هذا ثم قاما يتقيآن ما في بطونهما .
ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم قال : شرب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب لبنا فأعجبه فسأل عنه فأخبر أنه حلب له من نعم الصدقة فأدخل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أصبعه فاستقاءه . [ ص: 441 ] ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه أن أهل الكوفة قالوا له : قد شرب nindex.php?page=showalam&ids=8علي نبيذ الجر ؟ قال سليمان : فقلت لهم : هذا أبو إسحاق الهمداني يحدث أن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب أخبر أنه نبيذ جر تقيأه .
نا أحمد بن عمر بن أنس العذري نا عبيد الله بن محمد السقطي نا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة نا أحمد بن شويه قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق يقول : دخل nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر على أهله فإذا عندها فاكهة فأكل منها ، ثم سأل عنها فقالت له : أهدتها إلينا فلانة النائحة ، فقام nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر فتقيأ ما أكل .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فهذا nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بحضرة الصحابة وعلمهم لا مخالف لهم منهم في ذلك لا يرون nindex.php?page=treesubj&link=10766_18613_18590_16755_25438الطعام المأخوذ بغير حق ملكا لآخذه ، وإن أكله ، بل يرون عليه إخراجه ، وأن لا يبقيه في جسمه ما دام يقدر على ذلك ، وإن استهلكه ، فبأي شيء تعلق هؤلاء القوم في إباحة الحرام جهارا ؟ قال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وبهذا نقول ، فما دام المرء يقدر على أن يتقيأه ، ففرض عليه ذلك ، ولا يحل إمساك الحرام أصلا فإن عجز عن ذلك فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وهذا مما خالفوا فيه القرآن ، والسنن بآرائهم الفاسدة ، وتقليدا لبعض التابعين في خطأ أخطأه - وبالله تعالى التوفيق .
وقالوا أيضا : قسنا هذا على العبد يموت فتضمن قيمته .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا عليهم ، لا لهم ، لأن الميت لا يتملكه الغاصب .