الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وبيان هذا من المسائل لو رأت يوما دما وثمانية طهرا ويوما دما لم يكن شيء منه حيضا على هذه الرواية ; لأن المرئي من الدم دون الثلاث ، ولو رأت يومين دما وسبعة طهرا ويوما دما فالعشرة حيض ; لأن المرئي بلغ أقل مدة الحيض وكذلك إن رأت يوما دما وأربعة طهرا ويوما دما وثلاثة طهرا ويوما دما فالعشرة حيض على ما بينا ، والأصل عند محمد رحمه الله تعالى وهو الأصح وعليه الفتوى أن الطهر المتخلل بين الدمين إذا كان دون ثلاثة أيام لا يصير فاصلا فإذا بلغ الطهر ثلاثة أيام أو أكثر نظر فإن استوى الدم بالطهر في أيام الحيض أو كان الدم غالبا لا يصير فاصلا ، وإن كان الطهر غالبا يصير فاصلا فحينئذ ينظر إن لم يمكن أن يجعل واحد منهما بانفراده حيضا لا يكون شيء منه حيضا ، وإن أمكن أن يجعل أحدهما بانفراده حيضا إما المتقدم أو المتأخر يجعل ذلك حيضا ، وإن أمكن أن يجعل كل واحد منهما بانفراده حيضا يجعل الحيض أسرعهما إمكانا ولا يكون كلاهما حيضا إذا لم يتخللهما طهر تام ، وهو [ ص: 157 ] لا يجوز بداية الحيض بالطهر ، ولا ختمه به سواء كان قبله وبعده دم أو لم يكن ولا يجعل زمان الطهر زمان الحيض بإحاطة الدمين به ، ووجهه أن الطهر معتبر بالحيض فكما تبني ما دون الثلاث من الحيض لا حكم له ويجعل كحال الطهر فكذلك ما دون الثلاث من الطهر لا حكم له فيجعل كالدم المتوالي وإذا بلغ ثلاثة أيام فصاعدا فإن كان الدم غالبا فالمغلوب لا يظهر في مقابلة الغالب ، وإن كانا سواء فكذلك لوجهين أحدهما : قياس ، وهو تبني اعتبار الدم يوجب حرمة الصوم والصلاة واعتبار الطهر يوجب حل ذلك فإذا استوى الحلال والحرام يغلب الحرام الحلال كما في التحري في الأواني إذا كانت الغلبة للنجاسة أو كانا سواء لا يجوز التحري فهذا مثله ; والثاني : وهو الاستحسان أن المرأة لا ترى الدم على الولاء ; لأن ذلك يضنيها فيقتلها فباعتبار هذه القاعدة لا بد أن يجعل بعض الزمان الذي لم يكن فيه الدم معتبرا بالحيض وعند ذلك يغلب الدم على الطهر عند التساوي فلهذا جعلناه كالدم المتوالي فأما إذا غلب الطهر الدم يصير فاصلا ; لأن حكم الغالب ظاهر شرعا وإذا صار فاصلا بقي كل واحد من الدمين منفردا عن صاحبه فيعتبر فيه إمكان جعله حيضا كأنه ليس معه غيره ، وإن وجد الإمكان فيهما جعل المتقدم حيضا ; لأنه أسرعهما إمكانا ، وأمر الحيض مبني على الإمكان ثم لا يجعل المتأخر حيضا ; لأنه ليس بينهما طهر خمسة عشر يوما .

التالي السابق


الخدمات العلمية