الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومريدها ) أي مكة لا يخلو ( إن تردد ) لها متسببا بفاكهة ، أو حطب أو نحوهما ( أو عاد لها ) من قريب كمسافة قصر فدون بعد خروجه منها لا يريد العود ولو أقام به كثيرا ( لأمر ) عاقه عن السفر ، أو يريد العود ورجع من مكان قريب ولم يقم فيه كثيرا ولو لغير عائق ( فكذلك ) أي كالمار الذي لم يردها لا يلزمه إحرام ولا دم ، وإن أحرم ( وإلا ) بأن أرادها لنسك أو تجارة ، أو لأنها بلده أو عاد عن بعد فإن زاد على مسافة القصر ، أو عاد بنية الإقامة وترك السفر ( وجب ) عليه ( الإحرام ) من الميقات إن وصله ، وإلا فدونه ( وأساء ) أي أثم ( تاركه ) منه ولا حاجة له بعد قوله وجب بل هو يوهم خلاف المراد ; إذ كثيرا ما يستعمل أساء في الكراهة فيوهم أن المراد بالوجوب التأكيد وليس كذلك وما في الشراح ممنوع ولما أوهم قوله وجب الإحرام إلخ أن عليه الدم في مجاوزته الميقات حلالا مطلقا مع أن فيه تفصيلا نبه عليه بقوله ( ولا دم ) عليه في تركه ولو صرورة ( إن لم يقصد ) حال مجاوزته الميقات بدخوله مكة ( نسكا ) بحج ، أو عمرة بأن قصد بدخوله التجارة مثلا ولو بدا له النسك بعد ذلك وأحرم في الطريق ، أو مكة لكن نقل ابن عرفة أن قصد مكة كقصد النسك في لزوم الدم واعتمدوه ( وإلا ) بأن قصد نسكا ( رجع ) وجوبا للميقات وأحرم منه ( وإن شارفها ) أي مكة بل ، وإن دخلها ما لم يحرم فلو قال ، وإن دخلها كان أخصر وأفيد وأسلم من الإيهام ( ولا دم ) عليه إذا رجع قبل إحرامه إن جهل حرمة تعدي الميقات حلالا بل

التالي السابق


( قوله : ومريدها إن تردد ) اللخمي : يحرم المتردد أول مرة استحبابا كما صرح به ابن عرفة والتوضيح واعلم أن قول المصنف ومريدها إلخ ليس في متعدي الميقات كما هو المتبادر من كلام الشارح ، وإنما هو في دخول مكة من غير إحرام من مكان قريب وأما المار على الميقات إذا أراد مكة فيجب عليه الإحرام من غير تفصيل بين المتردد وغيره كما تفيده المدونة انظر طفى ا هـ بن . ( قوله : ولو أقام به ) أي بذلك القريب . ( قوله : لأمر عاقه عن السفر إلخ ) أي فإن خرج منها لا يريد العود لها ورجع من مكان قريب لغير عائق أحرم ، وإلا وجب الدم بخلاف من خرج منها يريد العود هذا ما حصله ابن رشد انظر ح وحاصل ما في المقام أنه إذا خرج من مكة لمحل بعيد زائد على مسافة القصر ، ثم رجع لها فلا بد من الإحرام أقام بذلك المحل قليلا ، أو كثيرا ، رجع لأمر عاقه عن السفر أم لا كان حين خروجه ناويا العود لمكة أم لا فهذه صور ثمانية زائدة على المتن وأما إن خرج منها لمحل قريب على مسافة القصر فأقل فإن كان نيته العود لها ورجع فلا بد من إحرامه إن أقام بذلك المحل كثيرا ، رجع لأمر عاقه أم لا ، وإن أقام به قليلا فلا إحرام عليه رجع لأمر عاقه أم لا فهذه صور أربعة خارجة عن المتن أيضا فإن خرج منها لمحل قريب وليس نيته العود إليها ، ثم عاد إليها فإن كان عوده لأمر عاقه عن السفر فلا إحرام عليه مكث في ذلك المحل قليلا ، أو كثيرا وهاتان الصورتان منطوق المصنف وإن عاد لا لأمر عاقه عن السفر بل لكونه بدا له عدم السفر رجع بإحرام ، أقام بذلك المحل قليلا ، أو كثيرا وبقي ما إذا خرج منها ولا نية له بالعود ولا بعدمه فإن رجع عن بعد أحرم وإن رجع عن قرب فمحل نظر كذا قرره شيخنا . ( قوله : وإلا ) أي وإلا يكن مريدها مترددا إليها ولا عائدا إليها لأمر عاقه بأن أرادها لنسك . ( قوله : أو عاد عن بعد ) أي أو عاد لمكة من مكان بعيد سواء خرج منها ناويا العود لها أم لا . ( قوله : أو عاد بنية الإقامة ) أي ولو كان عوده من مكان قريب . ( قوله : وإلا فدونه ) أي وإلا أحرم دونه أي قبل الوصول إليه فإذا خرج من مكة ولم يصل للميقات ثم عاد إليها فإنه يحرم من ذلك المكان الذي وصل إليه . ( قوله : وما في الشراح ممنوع ) أي من أن المراد بالوجوب التأكد الصادق بالندب وأن قوله وأساء تاركه أي ارتكب مكروها . ( قوله : ولا دم عليه في تركه ) أي في ترك الإحرام من الميقات . ( قوله : ولو صرورة ) أي هذا إذا كان غير صرورة بل ولو كان صرورة وسواء أحرم بعد مجاوزة الميقات ، أو لم يحرم أصلا وهذا أحد أقوال في المسألة وهو مذهب المدونة وقيل يلزمه الدم مطلقا صرورة أم لا أحرم أم لا وقيل إن كان صرورة فالدم ، أحرم أم لا وإن كان غير صرورة فلا دم ، أحرم أم لا وقيل عليه الدم إن كان صرورة وأحرم ، وإن انتفى الأمران ، أو أحدهما فلا دم وذكر بعضهم أن هذا هو المشهور . ( قوله : أو مكة ) أي أو قصد مكة فهو عطف على " تجارة " .




الخدمات العلمية