الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 488 ] بلى : حرف أصلي الألف ، وقيل : الأصل ( بل ) والألف زائدة ، وقيل : هي للتأنيث بدليل إمالتها .

ولها موضعان :

أحدهما : أن تكون ردا لنفي يقع قبلها : نحو : ما كنا نعمل من سوء بلى [ النحل : 28 ] أي : عملتم السوء ، لا يبعث الله من يموت بلى [ النحل : 38 ] أي : يبعثهم ، زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن [ التغابن : 7 ] ، قالوا ليس علينا في الأميين سبيل [ آل عمران : 75 ] ، ثم قال : بلى [ آل عمران : 76 ] . أي : عليهم سبيل وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى [ البقرة : 111 ] ، ثم قال بلى [ البقرة : 112 ] أي : يدخلها غيرهم ، وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة [ البقرة : 80 ] ثم قال : بلى [ البقرة : 81 ] ، أي : تمسهم ويخلدون فيها .

الثاني : أن تقع جوابا لاستفهام دخل على نفي فتفيد إبطاله : سواء كان الاستفهام حقيقيا نحو : أليس زيد بقائم ؟ فتقول : بلى . أو توبيخا ، نحو : أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى [ الزخرف : 80 ] ، أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه بلى [ القيامة : 3 - 4 ] . أو تقريريا ، نحو : ألست بربكم قالوا بلى [ الأعراف : 172 ] قال ابن عباس وغيره : لو قالوا : نعم ، كفروا .

ووجهه : أن نعم تصديق للمخبر بنفي أو إيجاب ، فكأنهم قالوا : لست ربنا ، بخلاف بلى ، فإنها لإبطال النفي ، فالتقدير : أنت ربنا .

ونازع في ذلك السهيلي وغيره : بأن الاستفهام التقريري خبر موجب ، ولذلك امتنع سيبويه من جعل أم متصلة في قوله : أفلا تبصرون أم أنا خير [ الزخرف : 51 - 52 ] ; لأنها بعد الإيجاب ، وإذا ثبت أنه إيجاب فنعم بعد الإيجاب تصديق له . انتهى .

قال ابن هشام : ويشكل عليهم أن ( بلى ) لا يجاب بها عن الإيجاب اتفاقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية