الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال ( ويجوز nindex.php?page=treesubj&link=10962للمحرم والمحرمة أن يتزوجا في حالة الإحرام ) وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : لا يجوز ، nindex.php?page=treesubj&link=11025وتزويج الولي المحرم وليته على هذا الخلاف . [ ص: 233 ] له قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=32085لا ينكح المحرم ولا ينكح } ولنا ما روي { nindex.php?page=hadith&LINKID=66096أنه صلى الله عليه وسلم تزوج بميمونة وهو محرم } وما رواه محمول على الوطء .
( قوله للمحرم والمحرمة أن يتزوجا حالة الإحرام ) وفيه خلاف الثلاثة ( وتزويج الولي المحرم مولاته على هذا الخلاف ) تمسكوا بقوله صلى الله عليه وسلم [ ص: 233 ] { nindex.php?page=hadith&LINKID=32085لا ينكح المحرم ولا ينكح } رواه الجماعة إلا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=11795أبان بن عثمان بن عفان قال : سمعت أبي nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=32085لا ينكح المحرم ولا ينكح } زاد nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأبو داود في رواية ولا يخطب وزاد nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه " ولا يخطب عليه " وموطإ nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=15855داود بن الحصين : أن أبا غطفان المري أخبره أن أباه طريفا تزوج امرأة وهو محرم ، فرد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب نكاحه .
ولنا ما رواه الأئمة الستة في كتبهم عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=54798تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم } زاد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في جامعه في باب عمرة القضاء في كتاب المغازي : { nindex.php?page=hadith&LINKID=39933وبنى بها وهو حلال وماتت بسرف } وله أيضا عنه ولم يصل سنده به قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=66097تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة رضي الله عنها في عمرة القضاء } وما عن nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم { nindex.php?page=hadith&LINKID=54240أنه تزوجها وهو حلال } لم يقو قوة هذا فإنه مما اتفق عليه الستة . وحديث يزيد لم يخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ولا nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي ، وأيضا لا يقاوم nindex.php?page=showalam&ids=11بابن عباس حفظا وإتقانا ، ولذا قال عمرو بن دينار للزهري : وما يدري ابن الأصم أعرابي كذا وكذا لشيء قاله أتجعله مثل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وما روي عن أبي رافع { nindex.php?page=hadith&LINKID=83439أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال وبنى بها وهو حلال وكنت أنا الرسول بينهما } لم يخرج في واحد من الصحيحين وإن روي في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان فلم يبلغ درجة الصحة ، ولذا لم يقل الترمذي فيه سوى حديث حسن .
قال : ولا نعلم أحدا أسنده غير حماد عن مطر . وما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما { nindex.php?page=hadith&LINKID=83440أنه صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال } فمنكر عنه لا يجوز النظر إليه بعدما اشتهر إلى أن كان أن يبلغ اليقين عنه في خلافه . ولذا بعد أن أخرجnindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ذلك عارضه بأن أخرجه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه من خمسة عشر طريقا { nindex.php?page=hadith&LINKID=46854أنه تزوجها وهو محرم } وفي لفظ { nindex.php?page=hadith&LINKID=43098وهما محرمان } وقال : هذا هو الصحيح . وما أول به حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بأن المعنى وهو في الحرم ، فإنه يقال أنجد إذا دخل أرض نجد ، وأحرم إذا دخل أرض الحرم بعيد . ومما يبعده حديث nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري { nindex.php?page=hadith&LINKID=83441تزوجها وهو محرم وبنى بها وهو حلال } والحاصل أنه قام ركن المعارضة بين حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وحديثي nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم nindex.php?page=showalam&ids=11795وأبان بن عثمان بن عفان ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أقوى منهما سندا ، فإن رجحنا باعتباره كان الترجيح معنا ، ويعضده ما قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي روى أبو عوانة عن مغيرة عن nindex.php?page=showalam&ids=11870أبي الضحى عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=83442تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه وهو محرم } قال : ونقلة هذا الحديث كلهم ثقات يحتج بروايتهم ا هـ .
وهذا الحديث أخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار ، قال السهيلي : إنما أرادت نكاح ميمونة ولكنها لم تسمها ، وبقوة ضبط الرواة وفقههم فإن الرواة عن عثمان وغيره ليسوا كمن روى عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ذلك فقها وضبطا nindex.php?page=showalam&ids=15992كسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ، وإن تركناها تتساقط للتعارض وصرنا إلى القياس فهو معنا لأنه عقد كسائر العقود التي يتلفظ بها من nindex.php?page=treesubj&link=10962شراء الأمة للتسري وغيره ، ولا يمتنع شيء من العقود بسبب الإحرام ، ولو حرم لكان غايته أن ينزل منزلة نفس الوطء وأثره في إفساد الحج لا في بطلان العقد نفسه . وأيضا لو لم يصح لبطل عقد المنكوحة سابقا لطرو الإحرام لأن المنافي للعقد يستوي في الابتداء والبقاء كالطارئ على العقد ، وإن رجحنا من حيث المتن كان معنا لأن رواية [ ص: 234 ] nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما نافية ورواية يزيد مثبتة ، لما عرف أن المثبت هو الذي يثبت أمرا عارضا على الحالة الأصلية والحل الطارئ على الإحرام كذلك ، والنافي هو المبقيها لأنه ينفي طرو طارئ ، ولا شك أن الإحرام أصل بالنسبة إلى الحل الطارئ عليه ، ثم إن له كيفيات خاصة من التجرد ورفع الصوت بالتلبية فكان نفيا من جنس ما يعرف بدليله فيعارض الإثبات فيرجح بخارج وهو زيادة قوة السند وفقه الراوي على ما تقدم .
هذا بالنسبة إلى الحل اللاحق ، وأما على إرادة الحل السابق على الإحرام كما في بعض الروايات { nindex.php?page=hadith&LINKID=74776أنه صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع مولاه ورجلا من الأنصار فزوجاه nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بنت الحارث ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قبل أن يحرم } كذا في معرفة الصحابة للمستغفري ; nindex.php?page=showalam&ids=11فابن عباس مثبت ويزيد ناف ، فيرجح حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بذات المتن لترجح المثبت على النافي ، ولو عارضه بأن كان نفي يزيد مما يعرف بدليله لأن حالة الحل تعرف أيضا بالدليل وهي هيئة الحلال فالترجيح بما قلنا من قوة السند وفقه الراوي لا بذات المتن . وإن وفقنا لدفع التعارض فيحمل لفظ التزوج في حديث ابن الأصم على البناء بها مجازا بعلاقة السببية العادية ، ويحمل قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=32084لا ينكح المحرم } إما على نهي التحريم والنكاح للوطء . والمراد بالجملة الثانية التمكين من الوطء والتذكير باعتبار الشخص : أي لا تمكن المحرمة من الوطء زوجها .
والعجب ممن يضعف هذا الوجه بأن التمكين من الوطء لا يسمى نكاحا مع أن اللازم الإنكاح لا النكاح . وأما استبعاده باختلاله عربية فليس بواقع لأن غاية ما فيه دخول لا الناهية على المسند للغائب وهو جائز عند المحققين وإن كان غيره أكثر ، وعلى النفي فيه التذكير وفيه ذلك التأويل ، أو على نهي الكراهية جمعا بين الدلائل وذلك لأن المحرم في شغل عن مباشرة عقود الأنكحة لأن ذلك يوجب شغل قلبه عن الإحسان في العبادة لما فيه من خطبة ومراودات ودعوة واجتماعات ويتضمن تنبيه النفس لطلب الجماع وهذا محمل قوله " ولا يخطب " ولا يلزم كونه صلى الله عليه وسلم باشر المكروه لأن المعنى المنوط به الكراهة ، وهو عليه الصلاة والسلام منزه عنه . ولا بعد في اختلاف حكم في حقنا وحقه لاختلاف المناط فينا وفيه ، كالوصال نهانا عنه وفعله .