ولما وصف العالمين بأن المنزل إليه هو الحق برجاحة العقول وأصالة الأداء المؤدية إلى الصلاح الموجب لكل سعادة، والكافرين به بضعف العقول الدافع إلى الفساد الموصل إلى سوء الدار، ومر فيما يلائمه إلى أن ختمه بمثل ما ختم به ذلك، عطف على ذلك قوله - ويمكن أن يكون اتصاله بما قبله أنه معطوف على محذوف هو علة لختم الآية السالفة، تقديره: لأنهم ساءهم ما أنزل إليه حسدا وجهلا -:
nindex.php?page=treesubj&link=28662_29786_31048_32416_32429_34189_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36والذين آتيناهم أي بما لنا من العظمة التي استنقذتهم من الضلال
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36الكتاب ولم يكفروا بالرحمن ولا بما أنزل ولا بمن أرسل
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36يفرحون بما ولما كان المنزل دالا بإعجازه على المنزل، بنى للمفعول قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36أنـزل إليك أي من هذا الكتاب الأعظم لموافقته تلك الكتب لأن كلام الله كله من مشكاة واحدة، وتخصيصهم لأنهم هم المنتفعون بالكتاب دون غيرهم، فكأنه ما أنزل إلا إليهم، وهذا العطف
[ ص: 356 ] يرجح أن يكون الموصول هناك مرفوعا بالابتداء
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36ومن الأحزاب من أهل الأوثان والكتاب الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36من ينكر بعضه كالتوحيد ونعت الإسلام ونبوة النبي صلى الله عليه وسلم وما يتبع ذلك مما حرفوه وبدلوه، ويريد أن يكون الأمر تابعا فيه لغرضه، فالمشركون يريدون أن يمدح آلهتهم في بعض الآيات أو أن يسقط وصفها بالعيب، واليهود يريدون أن ينزل ما يوافق فروع التوراة كما أنزل ما وافق الأصول، وينكرون النسخ، وأهل الإنجيل يريدون أن ينزل في
المسيح ما يهوون ونحو ذلك; قال المفسرون: كانوا لا ينكرون الأقاصيص وبعض الأحكام والمعل مما هو ثابت في كتبهم غير محرف، فلكفرهم بذلك البعض أمره أن يعلمهم باعتقاده كفروا أو شكروا فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36قل إنما أمرت أي وقع الأمر الجازم الذي لا شك فيه ولا تغير ممن له الأمر كله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36أن أعبد الله أي الذي لا شيء مثله وحده، ولذلك قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36ولا أشرك به لا أفعل إلا ما يأمرني به من غير نظر إلى سواه، ديني مقصور على ما أنكرتموه
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36إليه وحده
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36أدعو وإليه خاصة
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36مآب أي إيابي
[ ص: 357 ] ومكانه وزمانه، معنى بالتوبة عند الفتور عن القيام بحقه، وحسا بالبعث للجزاء; والكتاب: الصحيفة التي فيها الخط - وهو الكتابة، وهي تأليف الحروف التي تقرأ في الصحيفة، والفرح: لذة القلب التي تجلي الهم بنيل المشتهى، والحزب: الجماعة التي تقوم بالنائبة.
وَلِمَا وَصَفَ الْعَالِمَيْنِ بِأَنَّ الْمَنْزِلَ إِلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ بِرَجَاحَةِ الْعُقُولِ وَأَصَالَةِ الْأَدَاءِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى الصَّلَاحِ الْمُوجِبِ لِكُلِّ سَعَادَةٍ، وَالْكَافِرِينَ بِهِ بِضَعْفِ الْعُقُولِ الدَّافِعِ إِلَى الْفَسَادِ الْمُوصِلِ إِلَى سُوءِ الدَّارِ، وَمَرَّ فِيمَا يُلَائِمُهُ إِلَى أَنْ خَتْمَهُ بِمِثْلِ مَا خَتَمَ بِهِ ذَلِكَ، عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ - وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اتِّصَالُهُ بِمَا قَبْلَهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ هُوَ عِلَّةٌ لِخَتْمِ الْآيَةِ السَّالِفَةِ، تَقْدِيرُهُ: لِأَنَّهُمْ سَاءَهُمْ مَا أُنْزِلُ إِلَيْهِ حَسَدًا وَجَهْلًا -:
nindex.php?page=treesubj&link=28662_29786_31048_32416_32429_34189_28984nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ أَيْ بِمَا لَنَا مِنَ الْعَظَمَةِ الَّتِي اسْتَنْقَذَتْهُمْ مِنَ الضَّلَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36الْكِتَابَ وَلَمْ يَكْفُرُوا بِالرَّحْمَنِ وَلَا بِمَا أَنْزَلَ وَلَا بِمَنْ أَرْسَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36يَفْرَحُونَ بِمَا وَلَمَّا كَانَ الْمُنَزَّلُ دَالاًّ بِإِعْجَازِهِ عَلَى الْمَنْزِلِ، بَنَى لِلْمَفْعُولِ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36أُنْـزِلَ إِلَيْكَ أَيْ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الْأَعْظَمِ لِمُوَافَقَتِهِ تِلْكَ الْكُتُبِ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ كُلَّهُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَتَخْصِيصَهُمْ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِالْكِتَابِ دُونَ غَيْرِهِمْ، فَكَأَنَّهُ مَا أُنْزِلَ إِلَّا إِلَيْهِمْ، وَهَذَا الْعَطْفُ
[ ص: 356 ] يُرَجِّحُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُولُ هُنَاكَ مَرْفُوعًا بِالِابْتِدَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36وَمِنَ الأَحْزَابِ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ وَالْكُتَّابِ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ كَالتَّوْحِيدِ وَنَعْتِ الْإِسْلَامِ وَنُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِمَّا حَرَّفُوهُ وَبَدَّلُوهُ، وَيُرِيدُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ تَابِعًا فِيهِ لِغَرَضِهِ، فَالْمُشْرِكُونَ يُرِيدُونَ أَنْ يَمْدَحَ آلِهَتَهُمْ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ أَوْ أَنْ يُسْقِطَ وَصْفَهَا بِالْعَيْبِ، وَالْيَهُودُ يُرِيدُونَ أَنْ يَنْزِلَ مَا يُوَافِقُ فُرُوعَ التَّوْرَاةِ كَمَا أَنْزَلَ مَا وَافَقَ الْأُصُولِ، وَيُنْكِرُونَ النَّسْخَ، وَأَهَّلُ الْإِنْجِيلِ يُرِيدُونَ أَنْ يَنْزِلَ فِي
الْمَسِيحِ مَا يَهْوَوْنَ وَنَحْوَ ذَلِكَ; قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانُوا لَا يُنْكِرُونَ الْأَقَاصِيصَ وَبَعْضَ الْأَحْكَامِ وَالْمَعْلِ مِمَّا هُوَ ثَابِتٌ فِي كُتُبِهِمْ غَيْرَ مُحَرَّفٍ، فَلِكُفْرِهِمْ بِذَلِكَ الْبَعْضِ أَمَرَهُ أَنْ يُعْلِمَهُمْ بِاعْتِقَادِهِ كَفَرُوا أَوْ شَكَرُوا فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَيْ وَقَعَ الْأَمْرُ الْجَازِمُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا تَغَيُّرَ مِمَّنْ لَهُ الْأَمْرُ كُلُّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ أَيِ الَّذِي لَا شَيْءَ مِثْلُهُ وَحْدَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36وَلا أُشْرِكَ بِهِ لَا أَفْعَلُ إِلَّا مَا يَأْمُرُنِي بِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى سِوَاهُ، دِينِي مَقْصُورٌ عَلَى مَا أَنْكَرْتُمُوهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36إِلَيْهِ وَحْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36أَدْعُو وَإِلَيْهِ خَاصَّةً
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=36مَآبِ أَيْ إِيَابِي
[ ص: 357 ] وَمَكَانُهُ وَزَمَانُهُ، مَعْنَى بِالتَّوْبَةِ عِنْدَ الْفُتُورِ عَنِ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ، وَحَسًّا بِالْبَعْثِ لِلْجَزَاءِ; وَالْكِتَابُ: الصَّحِيفَةُ الَّتِي فِيهَا الْخَطُّ - وَهُوَ الْكِتَابَةُ، وَهِيَ تَأْلِيفُ الْحُرُوفِ الَّتِي تُقْرَأُ فِي الصَّحِيفَةِ، وَالْفَرَحُ: لَذَّةُ الْقَلْبِ الَّتِي تَجْلِي الْهَمَّ بِنِيلِ الْمُشْتَهَى، وَالْحِزْبُ: الْجَمَاعَةُ الَّتِيِ تَقُومُ بِالنَّائِبَةِ.