الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4549 322 - ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=654452قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الله - عز وجل - : nindex.php?page=treesubj&link=19092_19110_29702_33679يؤذيني ابن آدم [ ص: 167 ] يسب الدهر ، وأنا الدهر بيدي الأمر ، أقلب الليل والنهار ) .
مطابقته للترجمة ظاهرة ، nindex.php?page=showalam&ids=14171والحميدي عبد الله بن الزبير ، nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري محمد بن مسلم .
والحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في التوحيد عن nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي أيضا ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الأدب عن nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود فيه عن ابن السرح nindex.php?page=showalam&ids=16914ومحمد بن الصباح ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في التفسير عن محمد بن عبد الله بن يزيد .
قوله : " يؤذيني ابن آدم " ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : معناه يخاطبني من القول بما يتأذى من يجوز في حقه التأذي ، nindex.php?page=treesubj&link=34084والله منزه عن أن يصير إليه الأذى ، وإنما هذا من التوسع في الكلام ، والمراد أن من وقع ذلك منه تعرض لسخط الله - عز وجل - ، وقال الطيبي : الإيذاء إيصال المكروه إلى الغير قولا أو فعلا أثر فيه أو لم يؤثر ، وإيذاء الله عبارة عن فعل ما يكرهه ولا يرضى به ، وكذا إيذاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله : " nindex.php?page=treesubj&link=19108يسب الدهر " الدهر في الأصل اسم لمدة العالم ، وعليه قوله تعالى nindex.php?page=treesubj&link=29047nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هل أتى على الإنسان حين من الدهر ثم يعبر به عن كل مدة كثيرة ، وهو خلاف الزمان ، فإنه يقع على المدة القليلة والكثيرة ، فإذا المراد في الحديث بالدهر : مقلب الليل والنهار ومصرف الأمور فيهما ، فينبغي أن يفسر الأول بذلك ، كأنه قيل تسب مدبر الأمر ومقلب الليل والنهار وأنا المدبر والمقدر ؟ فجاء الاتحاد ، قوله : وأنا الدهر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : معناه أنا صاحب الدهر ومدبر الأمور التي تنسبونها إلى الدهر ، فإذا سب ابن آدم الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبه إلي لأني فاعلها ، وإنما الدهر زمان جعلته ظرفا لمواقع الأمور ، وكان من عادتهم إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر وقالوا nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=24وما يهلكنا إلا الدهر ، وسبوه ، فقالوا : بؤسا للدهر وتبا له ، إذ كانوا لا يعرفون للدهر خالقا ، ويرونه أزليا أبديا فلذلك سموا بالدهرية ، فأعلم الله سبحانه وتعالى أن الدهر محدث يقلبه بين ليل ونهار لا فعل له في خير وشر ، لكنه ظرف للحوادث التي الله تعالى يحدثها وينشئها .
وقال النووي : أنا nindex.php?page=treesubj&link=34077الدهر بالرفع ، وقيل : بالنصب على الظرف ، ( قلت ) كان أبو بكر بن داود الأصفهاني يرويه بفتح الراء من الدهر منصوبة على الظرف ، أي أنا طول الدهر بيدي الأمر ، وكان يقول : لو كان مضموم الراء لصار من أسماء الله تعالى ، وقال القاضي : نصبه بعضهم على التخصيص ، قال : والظرف أصح وأصوب ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : يجوز النصب ، أي بأن الله باق مقيم أبدا لا يزول .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : هذا باطل من وجوه ، الأول : أنه خلاف النقل ، فإن المحدثين المحققين لم يضبطوه إلا بالضم ، ولم يكن ابن داود من الحفاظ ولا من علماء النقل . الثاني : أنه ورد بألفاظ صحاح تبطل تأويله ، وهي : لا تقولوا يا خيبة الدهر ، فإن الله هو الدهر ، أخرجاه ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ولمسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=907581لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر . الثالث : تأويله يقتضي أن يكون علة النهي لم تذكر ; لأنه إذا قال لا تسبوا الدهر فأنا الدهر أقلب الليل والنهار ، فكأنه قال : لا تسبوا الدهر ، وأنا أقلبه ، ومعلوم أنه يقلب كل شيء من خير وشر ، وتقليبه للأشياء لا يمنع ذمها ، وإنما يتوجه الأذى في قوله : " يؤذيني ابن آدم " على ما كانت عليه العرب إذا أصابتهم مصيبة يسبون الدهر ويقولون عند ذكر موتاهم : أبادهم الدهر ، ينسبون ذلك إليه ، ويرونه الفاعل لهذه الأشياء ، ولا يرونها من قضاء الله وقدره ، قلت : قوله : أقلب الليل والنهار ، قرينة قوية دالة على أن المضاف في قوله : أنا الدهر محذوف ، وأن أصله خالق الدهر ; لأن الدهر في الأصل عبارة عن الزمان مطلقا ، والليل والنهار زمان ، فإذا كان كذلك يطلق على الله أنه مقلب الليل والنهار بكسر اللام ، والدهر يكون مقلبا بالفتح ، فلا يقال : الله الدهر مطلقا ; لأن المقلب غير المقلب ، فافهم . وقد تفردت به من الفتوحات الربانية ، وعلى هذا لا يجوز نسبة الأفعال الممدوحة والمذمومة للدهر حقيقة ، فمن اعتقد ذلك فلا شك في كفره ، وأما من يجري على لسانه من غير اعتماد صحته فليس بكافر ، ولكنه تشبه بأهل الكفر وارتكب ما نهاه عنه الشارع فليتب وليستغفر .