الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( قلت : هذه مسائل منثورة ) أي متفرقة متعلقة بالباب زدتها على المحرر وهي أكبر زيادة وقعت في الكتاب ، والفطن يرد كل مسألة منها لما يناسبها مما تقدم ، وإنما جمعها في موضع واحد ; لأنه لو فرقها لاحتاج أن يقول في أول كل منها قلت وفي آخرها والله أعلم .
فيؤدي إلى التطويل المنافي لغرضه من الاختصار ( يبادر ) بفتح الدال ندبا [ ص: 18 ] nindex.php?page=treesubj&link=1995_1994_1997_1993_3189 ( بقضاء دين الميت ) .
قالوا : ويستحب أن يكون ذلك قبل الاشتغال بغسله وغيره من أموره مسارعة إلى فك نفسه لخبر { nindex.php?page=hadith&LINKID=37933نفس المؤمن أي روحه معلقة أي محبوسة عن مقامها الكريم بدينه حتى يقضى عنه } رواه الترمذي وحسنه وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ، فإن لم يتيسر حالا سأل وليه غرماء أن يحللوه ويحتالوا به نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب .
واستشكل في المجموع البراءة بذلك ثم قال : ويحتمل أنهم رأوا ذلك مبريا للميت للحاجة والمصلحة ، وظاهر أن المبادرة تجب عند طلب المستحق حقه مع التمكن من التركة ، أو كان قد عصى بتأخيره لمطل أو غيره كضمان الغصب والسرقة وغيرهما ( و ) تنفيذ ( وصيته ) مسارعة لوصول الثواب إليه والبر للموصى له ، وذلك مندوب بل واجب عند طلب الموصى له المعين ، وكذا عند المكنة في الوصية للفقراء ونحوهم من ذوي الحاجات ، أو كان قد أوصى بتعجيلها ( ويكره nindex.php?page=treesubj&link=1975تمني الموت لضر نزل به ) في بدنه أو ضيق في دنياه أو نحوهما لخبر { nindex.php?page=hadith&LINKID=31277لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه ، فإن كان لا بد فاعلا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني ما كانت [ ص: 19 ] الوفاة خيرا لي } ( لا لفتنة دين ) فلا كراهة فيه لمفهوم الخبر المار بل قال الأذرعي : إن المصنف أفتى باستحبابه له في فتاويه غير المشهورة ، ونقله بعضهم عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وهو المعتمد ، ويمكن حمل كلام المصنف هنا وفي الأذكار والمجموع عليه ، أما تمنيه لغرض أخروي فمحبوب كتمني الشهادة في سبيل الله .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لم يتمن نبي الموت غير يوسف صلى الله عليه وسلم ، وقال غيره : إنما تمنى الوفاة على الإسلام لا الموت
( قوله : محبوسة عن مقامها الكريم ) قال حج : وإن قال جمع محله فيمن لم يخلف وفاء أو فيمن عصى بالاستدانة ا هـ .
فأفاد أنه لا فرق في حبس روحه بين من لم يخلف وفاء وغيره وبين من عصى باستدانة وغيره ( قوله : حتى يقضى عنه ) ومن ذلك nindex.php?page=treesubj&link=1993ما أخذ بالعقود الفاسدة كالمعاطاة حيث لم يوف العاقد بدل المقبوض كأن اشترى شراء فاسدا وقبض المبيع ، وتلف في يده ولم يوف بدله .
أما ما قبض بالمعاملة الفاسدة وقبض كل من العاقدين ما وقع العقد عليه ففي الدنيا يجب على كل أن يرد ما قبضه إن كان باقيا وبدله إن كان تالفا ، ولا مطالبة لأحد منهما في الآخرة لحصول القبض بالتراضي .
نعم على كل منهما إثم الإقدام على العقد الفاسد ( قوله : واستشكل في المجموع البراءة بذلك ) راجع لقوله سأل وليه ( قوله للحاجة والمصلحة إلخ ) أي فينتقل الحق إلى ذمة الملتزم ولو أجنبيا وتبرأ ذمة الميت بذلك ، ويجب على الملتزم وفاؤه من ماله وإن تلفت التركة .
قال بعضهم : ومع ذلك لا ينقطع تعلق الدين بالتركة فتصير مرهونة به مع تعلق الدين بذمة الغير حتى لو تعذر الوفاء من جهته أخذ من التركة ا هـ حج بالمعنى ( قوله من التركة ) ينبغي تعلقه بكل من قوله تجب عند طلب وقوله مع التمكن ( قوله : وكذا عند المكنة ) أي التمكن ( قوله : في الوصية ) ينبغي تعلقه بكل من قوله يجب عند طلب وقوله مع التمكن ( قوله : أو نحوهما ) أي كتهديد ظالم ( قوله : فليقل اللهم أحيني إلخ ) أي مع الكراهة ( قوله : ما كانت الحياة ) أي مدة كون إلخ ( قوله وتوفني إلخ ) عبارة المحلي إذا كانت إلخ ، ولعله إنما عبر في الأول بما وفى الثاني بإذا ; لأن الحياة لامتدادها وطول زمنها تقدر بمدة ، بخلاف الوفاة فإنها عبارة عن خروج الروح وليس فيه زمن يقدر .
قال حج : تنبيه : تنافي مفهوما كلامه في مجرد تمنيه : أي الخالي عن كل منهما ، والذي يتجه أنه لا كراهة ; لأن علتها أنه مع الضرر يشعر بالتبرم بالقضاء ، بخلافه مع عدمه بل هو حينئذ دليل على الرضا ; لأن من شأن النفوس النفرة عن الموت فتمنيه لا لضر دليل على محبة الآخرة ، بل حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=35332من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه } [ ص: 19 ] يدل على ندب تمنيه محبة للقاء الله كهو ببلد شريف بل أولى ا هـ ( قوله : لا لفتنة دين ) أي خوفها حج : أي أو خوف زيادتها ( قوله : وهو المعتمد ) أي الاستحباب ( قوله : ويمكن حمل كلام المصنف هنا ) أي بأن يقال أراد بعدم الكراهة الاستحباب ( قوله : كتمني الشهادة ) أي أو ببلد شريف كمكة والمدينة أو بيت المقدس ، وينبغي أن يلحق بها محال الصالحين ا هـ حج .
أقول : ولا يتأتى أن ذلك من تمني الموت إلا إذا تمناه حالا أو في وقت معين ، أما بدون ذلك فيمكن حمله على أن المعنى إذا توفيتني فتوفني شهيدا إلخ كما قيل به في الجواب عن قول يوسف توفني مسلما الآتي ( قوله : غير الهرم ) وهو كبر السن ( قوله لعدم القطع بإفادته ) أفهم أنه لو قطع بإفادته كعصب محل الفصد وجب وهو قريب ، ثم رأيت حج صرح به حيث قال بدل قول الشارح المضطر وربط محل الفصد
حاشية المغربي
( قوله : قبل الاشتغال بغسله وغيره ) أشار بلفظ الاشتغال إلى أنه لا منافاة بين ما ذكروه هنا وما ذكروه في الفرائض من تقديم nindex.php?page=treesubj&link=2124_1997_1994_1993مؤن التجهيز على أداء الدين ، إذ ما هنا في مجرد تقديم فعل ما ذكر على الاشتغال بالغسل ونحوه ، والصورة أن المال يسع جميع ذلك ، فالحاصل أنه يفرز ما بقي بالتجهيز ثم يفعل ما ذكر ثم يشتغل بالغسل ونحوه فليتأمل ( قوله : عند طلب المستحق ) أي مع التمكن ( قوله أو كان قد nindex.php?page=treesubj&link=1995_1994أوصى بتعجيلها ) معطوف على قوله عند طلب المستحق : أي وكذا إن لم يطلب وكان قد أوصى بتعجيلها