الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويكره ) للمرأة ( الكفن ) المزعفر والكفن ( المعصفر ) لما في ذلك من الزينة ، أما الرجل فلا يحرم عليه المعصفر ويحرم المزعفر ، وحينئذ فإطلاق المصنف كراهة المعصفر للرجال والنساء صحيح ، وأما المزعفر فيكره في حق المرأة بطريق الأولى ( و ) تكره ( المغالاة فيه ) أي الكفن بارتفاع ثمنه لخبر { لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا } واحترز بالمغالاة عن تحسينه في بياضه ونظافته وسبوغته فإنها مستحبة لخبر مسلم { إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه } أي يتخذه أبيض نظيفا سابغا ، ولخبر { حسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتزاورون في قبورهم } .

                                                                                                                            ( والمغسول أولى من الجديد ) لأنه للبلى والصديد ، والحي أحق لما روي أن الصديق رضي الله عنه أوصى أن يكفن في ثوبه الخلق [ ص: 22 ] وزيادة ثوبين وقال : الحي أولى بالجديد إنما هو للصديد ( والصبي ) أو الصبية ( كبالغ في تكفينه بأثواب ) ثلاثة تشبيها له بالبالغ ، وأشار بأثواب إلى أن هذا بالنسبة إلى العدد لا في جنس ما يكفن فيه إذ ذاك تقدم في قوله يكفن بما له لبسه حيا ( والحنوط ) بفتح الحاء : أي ذره كما مر ( مستحب ) لا واجب كما لا يجب الطيب للمفلس وإن وجبت كسوته ( وقيل واجب ) كالكفن فيكون من رأس المال ، ثم على من عليه مؤنته ، ويتقيد بما يليق به عرفا للإجماع الفعلي عليه ، ويرد بأن هذا لا يستلزم الوجوب ولا يلزم من وجوب الكسوة وجوب الطيب كما في المفلس ، وأجري جمع الخلاف في الكافر أيضا

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويحرم المزعفر ) أي حيث كثر الزعفران بحيث يسمى مزعفرا في العرف على ما قدمه ، وينبغي مثل ذلك في كراهة المعصفر .

                                                                                                                            [ فرع ] وقع السؤال في الدرس عن حكم ما يقع كثيرا في مصرنا وقراها من جعل الحناء في يدي الميت ورجليه ، وأجبنا عنه بأن الذي ينبغي أن يحرم ذلك في الرجال لحرمته عليهم في الحياة ، ويكره في النساء والصبيان ( قوله : وسبوغته ) أي كونه سابلا ( قوله : فإنهم يتزاورون في قبورهم ) فإن قيل : ظاهر الحديث استمرار الأكفان حال تزاورهم وهو لا نهاية له ، وقد ينافي ذلك ما مر في الحديث قبله أن يسلب سلبا سريعا .

                                                                                                                            قلت : يمكن أن يجاب بأنه يسلب باعتبار الحالة التي نشاهدها كتغير الميت ، وأنهم إذا تزاوروا يكون على صورته التي دفنوا بها وأمور الآخرة [ ص: 22 ] لا يقاس عليها ، وفي كلام بعضهم ما يصرح به ( قوله : كما لا يجب الطيب للمفلس ) أي حال حياته بأن يترك له ( قوله : فيكون من رأس المال ) تفريع على هذا القول ، أما على الندب فلا يجوز إلا برضا الغرماء .

                                                                                                                            وفي حج بعد قوله مستحب ما نصه : فلا يتقيد بقدره ولا يفعل إلا برضا الغرماء ، لكن في المجموع عن الأم أنه من رأس التركة ، ثم من مال من عليه مؤنته ، وأنه ليس لغريم ولا وارث متعه ، وجزم به في الأنوار وظاهر ذلك أنه مفرع حتى على الندب ، ويوجه بتقدير تسليمه بأنه يتسامح به غالبا مع مزيد المصلحة فيه للميت ا هـ .

                                                                                                                            وتقدم في الشارح في فصل التكفين أن ما يستحب فعله للميت إنما يكون في حق من جهز من ماله إلى آخر ما تقدم فليراجع ( قوله وأجرى جمع الخلاف في الكافر ) ولم يجزه أحد في العنبر والمسك ا هـ حج



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 19 - 21 ] قوله : أما الرجل فلا يحرم عليه المعصفر ) يقال عليه فلا محل للتقييد بالمرأة ، وإلا يلزم اتحاد المنطوق ومفهوم المخالفة في الحكم ( قوله : فإطلاق المصنف كراهة المعصفر للرجال والنساء صحيح ) يقال عليه كالذي قيل في الذي قبله ، فالحاصل أنه لا وجه للتقييد بالمرأة حيث كان اختياره عدم الفرق ، وكأنه قيد بالمرأة تبعا لمن يختار الحرمة على الرجال سبق نظر




                                                                                                                            الخدمات العلمية