الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
لن

لن : حرف نفي ونصب واستقبال ، والنفي بها أبلغ من النفي بلا ، فهي لتأكيد النفي ، كما ذكره الزمخشري وابن الخباز ، حتى قال بعضهم : وإن منعه مكابرة ، فهي لنفي ( إني أفعل ) و ( لا ) لنفي ( أفعل ) كما في ( لم ) و ( لما ) .

قال بعضهم : العرب تنفي المظنون بلن ، والمشكوك بلا ، ذكره ابن الزملكاني في " التبيان " .

وادعى الزمخشري أيضا أنها لتأبيد النفي ، كقوله ( لن يخلقوا ذبابا ) [ الحج : 73 ] ولن تفعلوا [ البقرة : 24 ] .

وقال ابن مالك : وحمله على ذلك اعتقاده في : ( لن تراني ) [ الأعراف : 143 ] : أن الله لا يرى .

ورد غيره بأنها لو كانت للتأبيد لم يقيد منفيها باليوم في : ( فلن أكلم اليوم إنسيا ) [ مريم : 26 ] . ولم يصح التوقيت في : ( لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ) [ طه : 91 ] . ولكان ذكر ( الأبد ) في ولن يتمنوه أبدا [ البقرة : 95 ] . تكرارا ، والأصل عدمه . واستفادة التأبيد في : ( لن يخلقوا ذبابا ) [ الحج : 73 ] . ونحوه من خارج .

[ ص: 525 ] ووافقه على إفادة التأبيد ابن عطية ، وقال في قوله : ( لن تراني ) [ الأعراف : 143 ] : لو بقينا على هذا النفي لتضمن أن موسى لا يراه أبدا ولا في الآخرة ، لكن ثبت في الحديث المتواتر أن أهل الجنة يرونه .

وعكس ابن الزملكاني مقالة الزمخشري ، فقال : إن ( لن ) لنفي ما قرب ، وعدم امتداد النفي ، ولا يمتد معنى النفي ، قال : وسر ذلك أن الألفاظ مشاكلة للمعاني ، و ( لا ) آخرها الألف ، والألف يمكن امتداد الصوت بها ، بخلاف النون ، فطابق كل لفظ معناه . قال : ولذلك أتى ب ( لن ) حيث لم يرد به النفي مطلقا ، بل في الدنيا ، حيث قال : ( لن تراني ) [ الأعراف : 143 ] . وب ( لا ) في قوله : ( لا تدركه الأبصار ) [ الأنعام : 103 ] ، حيث أريد نفي الإدراك على الإطلاق ، وهو مغاير للرؤية . انتهى .

قيل : وترد ( لن ) للدعاء ، وخرج عليه : ( رب بما أنعمت علي فلن أكون ) [ القصص : 17 ] ، الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية