الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( اختلط ) من يصلى عليه بغيره ولم يتميز كأن اختلط ( مسلمون ) أو أحد منهم ( بكفار ) أو غير شهيد بشهيد ، أو سقط يصلى عليه بسقط لا يصلى عليه وتعذر التمييز ( وجب ) خروجا من عهدة الواجب ( غسل الجميع ) وتكفينهم ( والصلاة ) عليهم ودفنهم إذ الواجب لا يتم بدون ذلك ، ولا يعارض ما تقرر حرمة الصلاة على الفريق الآخر ، ولا ترك المحرم إلا بترك الواجب ; لأن الصلاة في الحقيقة ليست على الفريق الآخر كما يعلم من قوله ( فإن شاء صلى على الجميع ) دفعة ( بقصد المسلمين ) منهم في الأولى وغير الشهيد في الثانية وبقصد السقط الذي يصلى عليه في الثالثة .

                                                                                                                            ( وهو الأفضل والمنصوص ) وليس فيه صلاة على غير من يصلى عليه ، والنية جازمة ( أو على واحد فواحد ناويا الصلاة عليه إن كان مسلما ) في الأولى وفي الثانية إن كان غير شهيد ، وفي الثالثة إن كان هو الذي يصلى عليه ( ويقول ) في الأولى ( اللهم اغفر له إن كان مسلما ) ولا يحتاج إلى ذلك في الثانية والثالثة لانتفاء المحذور ، وهو دعاؤه بالمغفرة للكافر ، ويغتفر تردده في النية للضرورة كمن نسي صلاة من الخمس ، وهذا التخيير متفق عليه ، وما اعترض به من أنه لا ضرورة لإمكان الكيفية الأولى يرد بأنها قد تشق بتأخير من غسل إلى فراغ غسل الباقين ، بل قد تتعين الأولى ، كأن أدى إفراد كل واحد منها إلى تغير أو انفجار لشدة حر وكثرة الموتى ، ويدفنون في المسألة الأولى بين مقابر المسلمين والكفار ، ولو تعارضت بينتان بإسلامه وكفره غسل وصلي عليه ونوى الصلاة عليه إن كان [ ص: 25 ] مسلما .

                                                                                                                            وفي المجموع عن المتولي : لو مات ذمي فشهد عدل بإسلامه قبل موته لم يحكم بشهادته في توريث قريبه المسلم منه ولا حرمان قريبه الكافر بلا خلاف ، وهل تقبل شهادته في الصلاة عليه وتوابعها فيه وجهان بناء على القولين في ثبوت هلال رمضان بقول عدل واحد ، وقضيته ترجيح قبولها في الصلاة عليه وتوابعها ، وهو كذلك كما قال الأذرعي وغيره إنه الأصح وإن اقتضى كلام الجمهور خلافه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 24 ] قوله : وتكفينهم ) أي من بيت المال فالأغنياء حيث لا تركة ، وإلا أخرج من تركة كل تجهيز واحد بالقرعة فيما ، يظهر ويغتفر كما أشار إليه بعضهم تفاوت مؤن تجهيزهم للضرورة ا هـ حج .

                                                                                                                            وقد يقال يخرج من تركة كل أقل كفاية واحد وما زاد من بيت المال ; لأن القرعة لا تؤثر في الأموال ، فحيث لم يوجد محل يؤخذ منه ما زاد أخذ من بيت المال كما لو مات شخص لا مال له ، وبقي ما لو كان المشتبه مرتدا أو حربيا فكيف يكون الحال فيه ; لأنهما لا يجهزان من بيت المال بل يجوز إغراء الكلاب على جيفتهما ، اللهم إلا أن يقال يجهزان هنا منه ، ويغتفر ذلك للضرورة ; لأنه وسيلة لتجهيز المسلم ( قوله : ودفنهم ) أي في مقابر المسلمين فيما يظهر حذرا من دفن المسلم في غير مقابر المسلمين ، ويحتمل أن يقال يدفنان بين مقابر المسلمين والكفار كما قالوه فيما لو ماتت كافرة في بطنها مسلم ، ثم رأيت قول الشارح ويدفنون في إلخ ( قوله : لأن الصلاة في الحقيقة ليست على الفريق ) هذا الجواب لا يأتي في غسل الشهيد إذا اختلط بغيره ، وفي حج أن مثل ذلك إنما يكون حراما مع العلم بعينه أما مع الجهل فلا ا هـ .

                                                                                                                            وبه يندفع الاعتراض على غسل الشهيد أيضا ، وكتب العلامة الشوبري على قول التحرير ولا يغطى رأس الرجل إلخ ما نصه : انظر لو اختلط المحرم بغيره هل يغطى الجميع احتياطا للستر أو لا احتياطا للإحرام ، وقد يتجه الثاني ; لأن التغطية محرمة جزما بخلاف ستر ما زاد على العورة ا هـ .

                                                                                                                            والأقرب الأول ; لأن التغطية حق للميت فلا تترك للفريق الآخر ، ولا نظر للقطع والخلاف في ذلك ، ثم رأيت في كلام سم ما يصرح بوجوب تغطية الجميع بغير المخيط ( قوله : بل قد تتعين الأولى ) هي انتقالية فتكون بمنزلة قوله وقد تتعين إلخ ، وعبارة حج : بل تتعين : أي الثانية إن أدى التأخير إلى تغير ، وكذا تتعين الأولى إلخ ، وهي أولى من عبارة الشارح ( قوله : ويدفنون في المسألة الأولى ) أي سواء كان الميت الكافر [ ص: 25 ] بالغا أو صبيا ; لأن الدفن من أحكام الدنيا وأطفال المشركين فيها كفار ( قوله : وقضية ترجيح قبولها في الصلاة عليه ) أي وعليه فيجزم بالنية في الصلاة عليه ولا يعلقها



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 24 ] قوله : ويقول في الأولى ) أي الصورة الأولى من الكيفية الثانية ( قوله : من أنه لغة لا ضرورة ) أي للتردد في النية ( قوله : بل قد تتعين الأولى ) المناسب للسياق بل قد تتعين الثانية كما صنع الشهاب حج : أي بأن أدى التأخير إلى التغيير ، ثم قال : وقد تتعين الأولى إلى آخر ما في الشارح




                                                                                                                            الخدمات العلمية