الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن صلى ) على ميت جماعة أو منفردا ( لا يعيد ) ها أي لا يستحب له إعادتها ( على الصحيح ) في جماعة ولا انفراد ; لأن المعاد نفل وهذه لا يتنفل بها ، بمعنى أنه لا يعيدها مرة ثانية لعدم ورود ذلك شرعا ، بخلاف الفرائض فإنها تعاد ، وإن وقعت الأولى نفلا كصلاة الصبي .

                                                                                                                            نعم فاقد الطهورين إذا صلى ، ثم وجد ما يتطهر به يعيدها ، قاله القفال في فتاويه .

                                                                                                                            وقياسه أن كل من لزمته إعادة المكتوبة لخلل يصلي هنا ، ويعيد أيضا لكن هل يتوقف ذلك على تعين صلاته عليها أو لا ؟ فيه احتمال ، والأقرب نعم بل لا ينبغي أن يجوز له ذلك مع حصول فرض الصلاة بغيره ، والثاني تستحب له الإعادة كغيرها ، وعلى الأول لو أعادها وقعت نفلا كما في المجموع ، وهذه خارجة عن القياس إذ الصلاة لا تنعقد حيث لم تكن مطلوبة ، بل قيل إن هذه الثانية تقع فرضا كصلاة الطائفة الثانية ، ويوجه انعقادها بأن المقصود من الصلاة على الميت الشفاعة والدعاء ، وقد لا تقبل الأولى ، وتقبل الثانية فلم يحصل الغرض يقينا .

                                                                                                                            وأما من لم يصل فتقع صلاته فرضا .

                                                                                                                            لا يقال : سقط الفرض بالأولى فامتنع وقوع الثانية برضا .

                                                                                                                            لأنا نقول : الساقط بالأولى حرج الفرض لا هو ، وقد يكون ابتداء الشيء غير فرض ، وبالدخول فيه يصير فرضا كحج التطوع وأحد خصال الواجب المخير ، ويدل لذلك قول السبكي فرض الكفاية إذا لم يتم المقصود منه بل تتجدد مصلحته بتكرر الفاعلين كتعلم العلم وحفظ القرآن وصلاة الجنازة إذ مقصودها الشفاعة لا يسقط بفعل البعض ، وإن سقط الحرج وليس كل فرض يأثم بتركه مطلقا ( ولا تؤخر ) الصلاة عليه أي لا يندب التأخير ( لزيادة المصلين ) لخبر { أسرعوا بالجنازة } ولا بأس بانتظار الولي إذا رجي حضوره عن قرب [ ص: 28 ] وأمن من التغير ، وشمل كلامه ما لو رجي حضور تتمة أربعين أو مائة ولو عن قرب لتمكنهم من الصلاة على القبر بعد حضورهم خلافا للزركشي ومن تبعه ، ( وقاتل نفسه ) حكمه ( كغيره في ) وجوب ( الغسل ) له ( والصلاة ) عليه لخبر { الصلاة واجبة على كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر } ، وهو وإن كان منقطعا لكنه مرسل ، وهو حجة إذا اعتضد بأمور منها قول أكثر أهل العلم ، وقد وجد هنا وما في مسلم من { أنه صلى الله عليه وسلم امتنع من الصلاة على رجل قتل نفسه } محمول على الزجر عن فعل مثله ، بل قال ابن حبان في صحيحه إنه منسوخ ( ولو نوى الإمام صلاة الغائب والمأموم صلاة حاضر أو عكس ) كل منهما ( جاز ) ، كما لو اقتدى في الظهر بالعصر أو بالعكس ، وعلم من كلامه جواز اختلافهما في المصلى عليه مع اتفاقهما في الحضور أو الغيبة بطريق الأولى

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ومن صلى لا يعيدها ) وهل يجوز الخروج منها : أي المعادة الظاهر أنه يجوز الخروج منها لأنها نفل .

                                                                                                                            لا يقال : تقاس على المعادة ; لأن المعادة مطلوبة إعادتها ، وأيضا اختلف فيها هل الفرض الأولى أو الثانية على ما تقدم من الخلاف .

                                                                                                                            وأما هنا فالإعادة غير مطلوبة بالمرة فافترقا ، ولا فرق في ذلك بين أن يصلي منفردا أو جماعة ويقطعوها ، ولا يقال القطع في الثانية فيه إزراء ; لأنها نفل محض وليست مطلوبة بالكلية ، ويحتمل حرمة قطعها كالمعادة أخذا من قول الشارح الآتي بل قيل إن هذه الثانية تقع فرضا إلخ ، وعبارة ابن حج .

                                                                                                                            وإذا أعاد وقعت له نفلا فيجوز له الخروج منها ( قوله : لا يستحب له إعادتها ) أي فتكون مباحا لا يعيدها ، ( قوله ثم وجد ما يتطهر به يعيدها ) أي ندبا حيث سقط الفرض بفعل غيره كما هو واضح ( قوله : بل لا ينبغي أن يجوز له ذلك إلخ ) يراجع هذا من باب التيمم ، وعبارته ثم بعد قول المصنف الأصح إن قطعها ليتوضأ أفضل نصها : وقول ابن خيران ليس لحاضر أن يتيمم ويصلي على الميت مردود قيل حيث لم يكن ثم غيره وإن أمكن توجيهه ، ثم قال : أما إذا كان ثم من يحصل به الفرض فليس له التيمم لفعلها ; لأنه لا ضرورة إليه ا هـ .

                                                                                                                            هذا والأوجه جواز صلاته عليه مطلقا ، وإن كان ثم من يحصل الفرض به ، ومنه تعلم أن ما هنا جرى فيه على غير ما استوجبه ثمة ( قوله : وعلى الأول لو أعادها وقعت نفلا ) أي ولو كان منفردا [ ص: 28 ] وفعلها مرارا ( قوله : لتمكنهم من الصلاة إلخ ) يؤخذ منه أنه لو علم عدم صلاتهم على القبر أخر لزيادة المصلين حيث أمن تغيره ، وعلى هذا يحمل ما تقدم بالهامش عن سم على منهج عن م ر ( قوله : خلافا للزركشي ومن تبعه ) حيث قالوا ينتظرون إلخ في مسلم { ما من مسلم يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه } وفيه أيضا مثل ذلك في الأربعين ا هـ ابن حج .

                                                                                                                            هذا وجرت العادة الآن بأنهم لا يصلون على الميت بعد دفنه فلا يبعد أن يقال : يسن انتظارهم لما فيه من المصلحة للميت حيث غلب على الظن أنهم لا يصلون على القبر ، ويمكن حمل كلام الزركشي عليه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وهذه لا ينتفل بها بمعنى أنه لا يعيدها ) أي لا يطلب ولا يستحب ذلك منه وإلا فقد مر ويأتي أنه إذا أعادها وقعت نفلا ( قوله : لكن هل يتوقف ذلك ) يعني فعلها مع الخلل كما هو ظاهر ( قوله : والأقرب نعم إلخ ) ما قبله يغني عنه [ ص: 28 ] قوله : تتمة الأربعين أو مائة ) أي الوارد فضل كل منهما في الحديث ( قوله : وهو وإن كان منقطعا لكنه مرسل ) فيه أن الإرسال من جملة ما يوجب الضعف لا القوة ، ومن ثم لم يكن حجة عندنا خلاف ما يقتضيه هذا التعبير ، على أن الانقطاع وصف مقابل للإرسال لأن الإرسال إسقاط الصحابي والانقطاع سقوط راو من أثناء السند أو أكثر لا على التوالي ، والذي في كلام الشهاب حج الاقتصار على أنه مرسل ، وفي كلام الأذرعي الاقتصار على أنه منقطع ، وكان مراد الشارح أن يبين أن مراد من عبر بأنه منقطع أنه مرسل ، فمراده بالانقطاع الإرسال ، والمرسل يحتج به إذا اعتضد بما يأتي لكن في عبارته قلاقة




                                                                                                                            الخدمات العلمية