الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر قتل الشيعة بإفريقية

في هذه السنة ، في محرم ، قتلت الشيعة بجميع بلاد إفريقية .

وكان سبب ذلك أن المعز بن باديس ركب ومشى في القيروان والناس يسلمون عليه ويدعون له ، فاجتاز بجماعة ، فسأل عنهم ، فقيل : هؤلاء رافضة يسبون أبا بكر وعمر فقال : رضي الله عن أبي بكر وعمر ! فانصرفت العامة من فورها إلى درب المعلى من القيروان ، وهو [ مكان ] تجتمع به الشيعة ، فقتلوا منهم ، وكان ذلك شهوة العسكر وأتباعهم ، طمعا في النهب ، وانبسطت أيدي العامة في الشيعة ، وأغراهم عامل القيروان وحرضهم .

وسبب ذلك أنه كان قد أصلح أمور البلد ، فبلغه أن المعز بن باديس يريد عزله [ ص: 640 ] فأراد فساده ، فقتل من الشيعة خلق كثير ، وأحرقوا بالنار ونهبت ديارهم ، وقتلوا في جميع إفريقية ، واجتمع جماعة منهم إلى قصر المنصور قريب القيروان فتحصنوا به فحصرهم العامة وضيقوا عليهم فاشتد عليهم الجوع ، فأقبلوا يخرجون والناس يقتلونهم حتى قتلوا عن آخرهم ، ولجأ من كان منهم بالمهدية إلى الجامع فقتلوا كلهم ، وكانت الشيعة تسمى بالمغرب المشارقة نسبة إلى أبي عبد الله الشيعي ، وكان من المشرق ، وأكثر الشعراء ذكر هذه الحادثة فمن فرح مسرور ومن باك حزين .

التالي السابق


الخدمات العلمية