الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر إخراج جلال الدولة من دار المملكة وإعادته إليها

في هذه السنة ، في رمضان ، شغب الجند على جلال الدولة وقبضوا عليه ثم أخرجوه من داره ، ثم سألوه ليعود إليها فعاد .

وسبب ذلك أنه استقدم الوزير أبا القاسم من غير أن يعلموا ، فلما قدم ظنوا [ ص: 759 ] أنه إنما ورد للتعرض إلى أموالهم ونعمهم فاستوحشوا واجتمعوا إلى داره وهجموا عليه ، وأخرجوه إلى مسجد هناك فوكلوا به فيه ، ثم إنهم أسمعوه ما يكره ، ونهبوا بعض ما في داره ، فلما وكلوا به جاء بعض القواد في جماعة من الجند ، ومن انضاف إليه من العامة والعيارين ، فأخرجه من المسجد وأعاده إلى داره ، فنقل جلال الدولة ولده وحرمه وما بقي له إلى الجانب الغربي ، وعبر هو في الليل إلى الكرخ فلقيه أهل الكرخ بالدعاء ، فنزل بدار المرتضى ، وعبر الوزير أبو القاسم معه .

ثم إن الجند اختلفوا ، فقال بعضهم : نخرجه من بلادنا ونملك غيره . وقال بعضهم : ليس من بني بويه غيره وغير أبي كاليجار ، وذلك قد عاد إلى بلاده ، ولا بد من مداراة هذا . فأرسلوا إليه يقولون له : نريد أن تنحدر عنا إلى واسط ، وأنت ملكنا ، وتترك عندنا بعض أولادك الأصاغر . فأجابهم إلى ذلك ، وأرسل سرا إلى الغلمان الأصاغر فاستمالهم ، وإلى كل واحد من الأكابر ، وقال : إنما أثق بك ، وأسكن إليك واستمالهم أيضا ، فعبروا إليه ، وقبلوا الأرض بين يديه ، وسألوه العود إلى دار الملك ، فعاد ، وحلف لهم على إخلاص النية ، والإحسان إليهم ، وحلفوا له على المناصحة ، واستقر في داره .

التالي السابق


الخدمات العلمية