الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وهل ) الزوجة ( تملك بالعقد النصف ) أي نصف الصداق ويكتمل بالدخول أو الموت وعليه ( فزيادته ) أي الصداق ( كنتاج وغلة ) كأجرة وثمرة وصوف ( ونقصانه ) بموت أو تلف ( لهما ) راجع للزيادة ( وعليهما ) راجع للنقصان وهو الراجح ( أو لا ) تملك بالعقد النصف وتحته قولان لا تملك شيئا فزيادته ونقصه له وعليه فإذا طلق قبل البناء ، وقد تلف فإنه يدفع لها قيمة نصفه ، وإن زاد فالزيادة له أو تملك الجميع فهما لها وعليها ( خلاف ) إلا أن الثالث لم يشهر فلذا لم يجعله بعضهم مندرجا في الخلاف في التشهير واعترض على المصنف بأن النتاج بينهما على كل قول فلا يناسب تفريعه على الأول خاصة فالأولى الاقتصار على الغلة [ ص: 319 ] ثم محل كلام المصنف هنا إن كان الصداق مما لا يغاب عليه أو قامت على هلاكه بينة فإن كان مما يغاب عليه ولم تقم على هلاكه بينة وتلف بيدها فإنها تضمنه لأنه بيدها كالعارية ( وعليها ) إذا طلقها قبل البناء ( نصف قيمة ) الصداق ( الموهوب والمعتق ) أي الذي وهبته أو أعتقته ( يومهما ) أي يوم العتق والهبة ; لأنه يوم الإتلاف لا يوم القبض ( و ) عليها إن طلقها قبل البناء ، وقد باعته بغير محاباة ( نصف الثمن في البيع ) ورجع عليها بنصف محاباة ( ولا يرد العتق ) الواقع منها في الصداق الرقيق ( إلا أن يرده الزوج لعسرها ) الحاصل ( يوم العتق ) فلا عبرة بعسرها أو يسرها قبله ، وكذا له الرد إذا زادت قيمة العبد على ثلثها كهبتها وصدقتها به وإنما اقتصر على العسر لأجل ما رتبه عليه من قوله ( ثم ) بعد رد الزوج ( إن طلقها ) قبل البناء وهو بيدها ( عتق النصف ) الذي وجب لها بالطلاق لزوال المانع وهو حق الزوج والمراد أنها تؤمر به ( بلا قضاء ) عليها به ; لأن رد الزوج رد إيقاف على مذهب الكتاب ، وقال أشهب : رد إبطال فلا يعتق منه شيء وإذا رد العتق مع تشوف الشارع للحرية فأولى الهبة والصدقة ونحوهما لكن الرد في ذلك رد إبطال فإذا طلق أو مات بقي ملكها لها ولا تؤمر بإنفاذه ( وتشطر ) الصداق ( ومزيد ) لها ( بعد العقد ) على أنه من الصداق ; لأنه ما ألزم نفسه ذلك إلا على حكم الصداق كان المزيد من جنسه أو لا اتصف بصفاته من الحلول والتأجيل أو لا قبضته أو لا . إجراء له مجرى الصداق من هذه الحيثية ، وأما لو مات أو فلس قبل قبضه فيبطل فحكموا له بحكم العطية في هذه الحالة فلم يكن كالصداق من كل وجه وفهم من قوله بعد العقد أن المزيد قبله أو حينه على أنه من الصداق صداق قطعا ، وأما المزيد بعد العقد للولي فهو له ولا يتشطر ( و ) تشطرت ( هدية اشترطت لها أو لوليها ) أو لغيرهما .

( قبله ) أي العقد أو فيه [ ص: 320 ] وكذا إذا أهديت من غير شرط قبله أو ; لأنها مشترطة حكما ، وأما ما أهدي بعده لغيرها فلا يتشطر ويكون لمن أهدي له ( ولها ) أي للمرأة ( أخذه ) أي أخذ ذلك المشترط في العقد أو قبله ( منه ) أي ممن اشترط له من ولي أو غيره ويأخذ الزوج منه النصف الآخر ولا يرجع به عليها ; لأن أصل الإعطاء ليس منها وإنما هو من الزوج لوليها فلا يعارض ما مر من الرجوع عليها بنصف قيمة الموهوب أو المعتق يومهما وقوله : ( بالطلاق ) متعلق بتشطر والباء سببية .

وقوله : ( قبل المس ) متعلق بالطلاق أو حال منه وجملة ولها أخذه معترضة وأراد بالمس الوطء أو ما يقوم مقامه كإقامتها سنة ببيتها ، إذ هي يتكمل بها الصداق .

التالي السابق


( قوله : فزيادته ) أي الحاصلة بعد العقد وقبل البناء ، وكذا يقال في نقصانه ، ثم إن الذي يدل عليه كلامهم أن ثمرة قوله فزيادته إلخ إنما تظهر إذا وقع الطلاق قبل البناء ، ولذا قال ابن عاشر : الصواب وضع هذه المسائل بعد قوله وتشطر إلخ كما صنع ابن الحاجب ليفيد ذلك ، وأما إن فسخ فالزيادة للزوج والنقص عليه فإن دخل بها أو وقع موت فالزيادة والنقص للزوجة وعليها .

( قوله : وغلة ) عطفه على النتاج يقتضي أن النتاج ليس بغلة وهو المشهور خلافا للسيوري القائل إنه غلة قاله شيخنا .

( قوله : فزيادته ونقصه له وعليه ) تبع بهرام في هذا التفريع واعترضه طفي قائلا لم أر من فرع على أنها لا تملك بالعقد شيئا أن الغلة تكون للزوج وإنما فرعوا حكم الغلة على القولين الآخرين فقط وهما أنها تملك بالعقد الجميع أو النصف ا هـ بن .

( قوله : فهما ) أي الزيادة والنقص .

( قوله : واعترض على المصنف إلخ ) حاصل هذا الاعتراض أن قوله : كنتاج وغلة يقتضي أن الولد كالغلة يأتي فيه التفريع المذكور وليس كذلك ، بل الولد حكمه حكم الصداق في أنه يتشطر ; لأنه كجزء من المهر على كل قول وصنيع ابن عرفة يدل على ذلك ; لأنه حكم بأن الولد كالمهر ، ثم ذكر الخلاف في الغلة والبناء فيها على القولين ، وكذا صنيع المدونة انظر طفي وفي التوضيح أن كون الولد ليس بغلة هو المشهور ، وقد نص في المدونة على أن ولد الأمة ونسل الحيوان أن يكون في الطلاق بينهما ا هـ بن [ ص: 319 ]

( قوله : ثم محل كلام المصنف ) أي من كون النقص الحاصل في الصداق قبل البناء عليهما معا ، وقوله : إذا كان الصداق مما لا يغاب عليه أو قامت على هلاكه بينة لأنه إذا كان كذلك كان الضمان منهما معا إذا طلق قبل البناء ، وكذا حكم الزيادة وهذا هو المشهور ، وأما ما بنوه على القول الثاني والثالث فهو ضعيف .

( قوله : وعليها نصف قيمة إلخ ) حاصله أن المرأة إذا طلقها زوجها قبل البناء ، وقد تصرفت في الصداق بغير عوض كهبة أو عتق أو تدبير أو إخدام فإنها تغرم للزوج نصف المثل في المثلي ونصف قيمة المقوم يوم التصرف وهو يوم الهبة والعتق ; لأنه يوم الإتلاف وهذا هو المشهور . وقيل : يوم القبض قال بن : وما ذكره المصنف من نفوذ تصرفها وغرمها نصف قيمة المقوم مبني على القول بأنها تملك بالعقد جميع الصداق ، وكذا على القول بأنها تملك النصف ; لأنه معرض لتكميله لها ومراعاة للخلاف ونقل ذلك عن التوضيح ، وأما على القول بأنها لا تملك بالعقد شيئا فيرد ما فعلته في نصف الزوج فقط ; لأنها فضولية في الجميع وقت التصرف ، وقد حقق الطلاق لها النصف فيمضي تصرفها فيه .

( قوله : بنصف المحاباة ) أي إن باعته بمحاباة .

( قوله : ولا يرد العتق ) أي ولا الهبة ولا الصدقة ولا الإخدام ، وحاصله أن الصداق إذا كان عبدا فأعتقته الزوجة المالكة لأمر نفسها أو وهبته أو تصدقت به أو أخدمته فإن العتق وما معه لا يرد إلا أن تكون الزوجة معسرة يوم التصرف بالعتق وما معه أو كان ثلثها لا يحمل ما تصرفت فيه وإلا كان للزوج رد العتق وما معه ويرجع النصف ملكا لها .

( قوله : إلا أن يرده الزوج لعسرها ) أي إلا أن تكون معسرة يوم العتق فللزوج أن يرد عتقها حينئذ قبل الطلاق وله أيضا بعد الطلاق أن يرد عتقها إن لم يعلم به حتى طلقها وكانت معسرة يوم العتق واستمر عسرها إلى يوم الطلاق كما هو المعروف عن اللخمي انظر ح .

( قوله : فلا عبرة إلخ ) أي إن المعتبر في رد العتق وعدم رده عسرها ويسرها يوم العتق كانت قبله موسرة أو معسرة ولا يعتبر في الرد وعدمه عسرها أو يسرها قبله .

( قوله : لكن الرد في ذلك إلخ ) فيه نظر ، إذ الخلاف في مطلق تبرع الزوجة إذا رده الزوج هل هو رد إيقاف أو إبطال .

( قوله : وتشطر الصداق ) أي بالطلاق قبل البناء كما يأتي للمصنف لقوله تعالى { ، وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن } الآية ، ثم إن تشطر الصداق بالطلاق ظاهر على القول بأنها تملك بالعقد كل الصداق ، وكذا على القول بأنها لا تملك بالعقد شيئا ; لأن التشطير إما من ملكها أو من ملك الزوج ، وأما على القول بأنها تملك بالعقد النصف فالتشطير بالطلاق مشكل ; لأنه متشطر قبل الطلاق إلا أن يقال : المعنى تحتم تشطيره بعد أن كان معرضا لتكميله .

( قوله : كان المزيد من جنسه ) أي من جنس ما سماه صداقا .

( قوله : إجراء إلخ ) علة لقوله أو لا أي وإنما تشطر المزيد بعد العقد بالطلاق إذا لم تقبضه إجراء له مجرى الصداق من جهة أنه ما ألزم نفسه ذلك إلا على أنه صداق .

( قوله : صداق قطعا ) أي فيتشطر وسكت عنه المصنف لعلمه بالأولى مما ذكره .

( قوله : وأما المزيد بعد العقد للولي ) كالبلصة في بلاد الأرياف [ ص: 320 ]

( قوله : وكذا إذا أهديت من غير شرط ) أي سواء كانت لها أو لوليها أو لأجنبي ، وحاصل ما ذكره أن الهدية متى كانت قبل العقد أو حينه فإنها تشطر سواء اشترطت أو لا كانت لها أو لغيرها ، وإن كانت بعد العقد ولا تكون مشترطة فإن كانت لغيرها فلا تشطر ، وإن كانت لها فروايتان .

( قوله : وأما ما أهدي بعده لغيرها إلخ ) أي وأما ما أهدي لها بعد العقد فسيأتي الكلام عليه إن كان قبل الدخول في قوله وفي تشطر هدية بعد العقد وقبل البناء ، ثم إن ما أهدي بعد البناء لغيرها هو عين قوله سابقا ، وأما المزيد بعد العقد للولي فهو له .

( قوله : ولها إلخ ) حاصله أن المرأة إذا طلقت قبل البناء وقلنا بتشطر ما أخذه وليها من الهدية المشترطة له حين العقد أو قبله فلها أن ترجع على وليها وتأخذ منه النصف وللزوج النصف الآخر يأخذه من الولي وليس للزوج مطالبتها بالنصف الآخر الذي أخذه الولي ; لأن الإعطاء للولي ليس منها وإنما هو من الزوج وحينئذ فيتبعه به .

( قوله : أي للمرأة ) أي التي طلقت قبل البناء وتشطر ما أخذه وليها .

( قوله : أخذ ذلك ) أي أخذ نصف ذلك المشترط .

( قوله : أو المعتق يومهما ) أي لأن الإعطاء منها .

( قوله : متعلق بالطلاق ) أي مرتبط به في المعنى فلا ينافي أنه متعلق بمحذوف صفة للطلاق أو حال منه .

( قوله : إذ هي يتكمل بها الصداق ) أي كما يتكمل بالوطء




الخدمات العلمية