الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 47 ] ( ثم يجوز التقلد من السلطان الجائر كما يجوز من العادل ) لأن الصحابة رضي الله عنهم تقلدوه من معاوية رضي الله عنه والحق كان بيد علي رضي الله عنه في نوبته . [ ص: 48 ] والتابعين تقلدوه من الحجاج وكان جائرا إلا إذا كان لا يمكنه من القضاء بحق لأن المقصود لا يحصل بالتقلد بخلاف ما إذا كان يمكنه .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        قوله : روي أن الصحابة رضي الله عنهم تقلدوا القضاء من معاوية والحق كان بيد علي في نوبته والتابعون تقلدوا القضاء من الحجاج وكان جائرا قلت : تولى أبو الدرداء القضاء بالشام وبها مات وكان معاوية استشاره فيمن يولي بعده فأشار عليه بفضالة بن عبيد الأنصاري فولاه الشام بعده وأما إن الحق كان بيد علي في نوبته فالدليل عليه { قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمار : تقتلك الفئة الباغية }" ولا خلاف أنه كان مع علي وقتله أصحاب معاوية قال إمام الحرمين في " كتاب الإرشاد " : وعلي رضي الله عنه كان إماما حقا في ولايته ومقاتلوه بغاة وحسن الظن بهم يقتضي أن يظن بهم قصد الخير وإن أخطأه وأجمعوا على أن عليا كان مصيبا في قتال أهل الجمل وهم طلحة والزبير وعائشة ومن معهم وأهل صفين وهم معاوية وعسكره وقد أظهرت عائشة الندم كما أخرجه ابن عبد البر في " كتاب الاستيعاب " عن ابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال : قالت عائشة لابن عمر : يا أبا [ ص: 48 ] عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري ؟ قال : رأيت رجلا غلب عليك يعني ابن الزبير فقالت : أما والله لو نهيتني ما خرجت انتهى .

                                                                                                        وفي " الطبقات " لابن سعد أن عثمان أفرد معاوية بالشام فلما ولي علي بن أبي طالب الخلافة بعد عثمان قال معاوية : والله لا ألي له شيئا أبدا ولا أبايعه ولا أقدم عليه حتى كانت الوقعة بينهما بصفين في المحرم سنة سبع وثلاثين فاقتتلوا قتالا شديدا ورجع علي الكوفة بأصحابه مختلفين عليه ورجع معاوية إلى الشام بأصحابه متفقين عليه وأقر فضالة بن عبيد الأنصاري على قضائه بالشام مختصر . وأما تقلد الولاية من الحجاج : فروى البخاري في " تاريخه الوسط " حدثنا عمرو بن علي ثنا أبو داود عن سليمان بن معاذ عن أبي إسحاق قال : كان أبو بردة على قضاء الكوفة فعزله الحجاج وجعل أخاه مكانه انتهى . وقال في مكان آخر : حدثنا الحسن بن رافع ثنا ضمرة قال استقضى الحجاج أبا بردة بن أبي موسى وأجلس معه سعيد بن جبير ثم قتل سعيد بن جبير ومات الحجاج بعده بستة أشهر ولم يقتل بعده [ ص: 49 ] أحدا انتهى .

                                                                                                        وفي " تاريخ أصبهان " للحافظ أبي نعيم في " باب العين المهملة " عبد الله بن أبي مريم الأموي ولي القضاء في أصبهان للحجاج ثم عزله الحجاج وأقام محبوسا بواسط فلما هلك الحجاج رجع إلى أصبهان وتوفي بها انتهى .

                                                                                                        وقال ابن القطان في " كتابه في باب الاستسقاء " : وطلحة بن عبد الله بن عوف أبو محمد الذي يقال له : طلحة الندي ابن أخي عبد الرحمن بن عوف تقلد القضاء من يزيد بن معاوية على المدينة وهو تابعي يروي عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي بكرة انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية