الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) له ( نكاح الإماء في ) قوله ( كل حرة ) أتزوجها طالق ; لأنه صار بيمينه كعادم الطول حيث خاف الزنا ( ولزم ) التعليق ( في المصرية ) مثلا ( فيمن أبوها كذلك ) مصري وأمها شامية والأم تبع للأب ولو كانت عند أمها بالشام ( و ) لزم في ( الطارئة ) على مصر ( إن تخلقت بخلقهن ) أي طباعهن لا إن لم تتخلق ولو طالت إقامتها ( و ) إن حلف لا أتزوج ( في مصر ) ( يلزم في ) جميع ( عملها إن نوى ) عملها وهو إقليمها أو جرى به عرف ( وإلا ) بأن نوى خصوصها أو لا نية له ( فلمحل لزوم الجمعة ) ثلاثة أميال وربع في الصورتين فتدخل بولاق وجزيرة الفيل ومصر العتيقة وجميع من في تربها كمن في تربة الإمام الليث ( وله ) أي للحالف لا يتزوج بمصر ( المواعدة بها ) والتزوج خارجها وذكر محترز قوله كأن أبقى كثيرا بقوله ( لا إن عم النساء ) الحرائر والإماء في يمينه [ ص: 374 ] ( أو أبقى قليلا ) في ذاته بأن كان أقل من نساء المدينة المنورة فلا يلزمه شيء للحرج والمشقة ( ككل امرأة أتزوجها إلا تفويضا ) فطالق لقلة التفويض وعدم الرغبة فيه ( أو ) إلا ( من قرية ) سماها وهي ( صغيرة ) في نفسها دون المدينة فلا يلزمه يمين ( أو ) قال كل من أتزوجها طالق ( حتى أنظرها ) أي إلا أن أنظر إليها ( فعمي ) فلا شيء عليه وله أن يتزوج من شاء ( أو ) عم ( الأبكار ) بأن قال كل بكر أتزوجها طالق ( بعد ) قوله ( كل ثيب ) أتزوجها طالق فلا يلزمه شيء في الأبكار ; لأنهن التي حصل بهن التضييق ويلزمه في الثياب لتقدمهن ( وبالعكس ) فيلزمه في الأبكار دون الثياب ( أو خشي ) على نفسه ( في المؤجل ) بأجل يبلغه عمره ظاهرا ككل ( امرأة ) أتزوجها في هذه السنة طالق ( العنت وتعذر ) عليه ( التسري ) فله التزوج .

( أو ) قال ( آخر امرأة ) أتزوجها طالق فلا شيء عليه ويتزوج من شاء هذا هو المعتمد وقوله ( وصوب وقوفه عن ) الزوجة ( الأولى حتى ينكح ثانية ) فتحل الأولى ( ثم كذلك ) أي يوقف عن الثانية حتى ينكح ثالثة فتحل له الثانية وهكذا ضعيف ( و ) عليه [ ص: 375 ] ف ( هو في الموقوفة كالمولى ) فإن رفعته فالأجل من الرفع ; لأن يمينه ليست صريحة في ترك الوطء فإن انقضى ولم ترض بالمقام معه بلا وطء طلق عليه ( واختاره ) أي الوقف اللخمي ( إلا في ) الزوجة ( الأولى ) فلا يوقف عنها ; لأنه لما قال آخر امرأة علمنا أنه جعل لنفسه أولى لم يردها بيمينه

التالي السابق


( قوله وله نكاح الإماء ) أي ولو وجد طول الحرة ( قوله ; لأنه صار بيمينه كعادم الطول ) أي وإن كان مليا ( قوله حيث خاف الزنا ) اعلم أن محل إباحة نكاح الإماء له إذا خشي الزنا ما لم يقدر على التسري وإلا وجب كما في خش وفي حاشية الشيخ الأمير على عبق أن له نكاح الإماء ولو قدر على التسري ، فإن عتقت الأمة التي تزوج بها فمقتضى قولهم أن الدوام ليس كالابتداء في مسألة لا فيمن تحته أن لا تطلق عليه ; لأن دوام تزوجه بالحرة التي عتقت ليس كابتداء التزويج بالحرة وهذا هو المعتمد أما إن قلنا : إن دوام التزويج كابتداء التزويج بها فإنها تطلق عليه .

( قوله ولزم في المصرية إلخ ) فإذا قال : كل امرأة أتزوجها من مصر فهي طالق ، أو قال : كل مصرية أتزوجها فهي طالق أو إن تزوجت مصرية أو امرأة من مصر فهي طالق ، أو علي الطلاق لا أتزوج مصرية ثم تزوج امرأة أبوها مصري وأمها غير مصرية فإنها تطلق عليه بمجرد العقد عليها ; لأن بنت المصري مصرية ولو لم تقم بمصر هكذا يصور المتن وقول ابن غازي ليس صورته على الطلاق لا أتزوج مصرية مراده ليس هذا صورته فقط بل هو وغيره مما ذكرنا فليس مراده النفي حقيقة بل نفي الحصر وذلك لأن كلا من الصيغ المذكورة يقتضي العموم أما الصيغة التي فيها كل فلأنها لاستغراق أفراد المنكر ، وأما التي ليس فيها كل فلأن النكرة فيها واقعة في سياق النفي أو الشرط .

( قوله ولزم في الطارئة ) أي والموضوع أنه حلف بالطلاق لا يتزوج مصرية أو بغيرها من الصيغ المتقدمة ( قوله في مصر ) ومثله من مصر أو بمصر وقوله يلزم أي الطلاق إن تزوج بمصرية أو بغيرها وقوله من عملها أي وأولى بتزوجه فيها ( قوله فلمحل لزوم الجمعة ) أي فيلزمه الطلاق فيمن تزوجها في محل لزوم الجمعة أي في المحل الذي يلزم السعي منه لمصر في صلاة الجمعة ( قوله والتزوج خارجها ) أي خارج عملها إن نواه وإلا فخارج المحل الذي تلزم منه الجمعة وإنما جاز له المواعدة فيها مع كونه حلف لا يتزوج فيها ; لأن العبرة بموضع العقد لا بموضع المواعدة .

( قوله لا إن عم النساء ) مثل كل امرأة أتزوجها طالق فإذا قال ذلك فلا يلزمه شيء للحرج والمشقة كما هو قاعدة الشرع أن الأمر إذا اتسع ضاق وإذا ضاق اتسع ولا فرق بين عموم النساء بدون تعليق كما مثلنا أو بتعليق نحو إن دخلت دارا أو إن دخلت الدار فكل امرأة أتزوجها طالق ، فإذا دخل الدار فلا شيء عليه فيمن يتزوجها بعد الدخول سواء قصد بالتعريف دارا معينة أو قصد الاستغراق خلافا لعبق حيث قال : إذا قصد بالتعريف دارا بعينها فإنه يلزم طلاق كل من يتزوجها بعد دخولها ; لأن له مندوحة في التخلص من يمينه لإمكان بيعها أو إيجارها وسكنى غيرها ورد بأن الحق عدم الحنث ، وذلك ; لأنه إذا دخلها صار بمنزلة من عمم ابتداء ومثل عموم النساء ما إذا أبقى كثيرا في نفسه ولكنه لا يجد ما يوصله إليه كما قاله شيخنا العدوي وإنما لم تلزمه اليمين إذا عم النساء وإن كان أبقى لنفسه التسري [ ص: 374 ] لأن الزوجة أضبط لما له من السرية .

( قوله أو أبقى قليلا في ذاته ) أي كقرية صغيرة مثل أن يقول كل امرأة أتزوجها إلا من قرية كذا فهي طالق فلا شيء عليه إذا تزوج من غيرها ; لأن تبقية ذلك القليل منزل منزلة التعميم ; لأن القليل كالعدم ، فقول المصنف فيما يأتي أو من قرية صغيرة مثال لهذا ، فإن قيل ما الفرق بين من عم النساء فلا يلزمه ومن قال : كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق ، فإنه يطلق عليه كل من تزوجها عليها ما دامت في العصمة المعلق عليها مع أنه عام في كل امرأة ، قلت : إن الأولى عمم فيها التحريم ولم يبق لنفسه شيئا فخفف عليه للحرج والمشقة ، وأما الثانية فقد خص التحريم بالتي يتزوجها وأبقى لنفسه شيئا كثيرا وهو التي لم يتزوج عليها الصادق بمن تحت عصمته وبغيرها فشدد عليه ولأنه التزام للغير فروعي حق الغير بخلاف التعليق في الأولى فإنه ليس فيه التزام للغير .

والحاصل أن التعليق في كل امرأة أتزوجها طالق عام وليس فيه التزام للغير وأما كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق فالتعليق فيها خاص وفيه التزام للغير .

( قوله ككل امرأة أتزوجها إلا تفويضا ) أي فهي طالق فلا يلزمه طلاق من تزوجها غير تفويض ( قوله لقلة التفويض ) علة لمحذوف أي فلا يلزمه طلاق لقلة التفويض أي إن شأنه القلة في نفسه فلا يقال إن مقتضى التعليل أنه إذا كان معتادا لقوم لزوم الطلاق وليس كذلك ( قوله أو حتى أنظرها ) حتى هنا استثنائية والمستثنى منه محذوف أي أو قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق في كل حال حتى أنظر إليها أي إلا أن أنظر إليها فالطلاق معلق على التزويج من غير رؤية وبهذا أي جعلها استثنائية والمستثنى منه محذوف ظهر كلامه ، وأما لو جعلت غائية كما هو المتبادر منه فلا يكون ظاهرا ; لأنه ينحل المعنى كل امرأة أتزوجها طالق ويستمر الطلاق إلى أن أنظر إليها فإذا نظرت إليها ارتفع الطلاق وهذا غير صحيح ; لأن الواقع لا يرتفع .

( قوله وله أن يتزوج من شاء ) أي ولا يطلق عليه ولو لم يخش العنت ; لأنه كمن عم النساء ومثله ينظرها فلان فعمي أو مات ، وقال ابن المواز لا يتزوج حتى يخشى الزنا ولم يجد ما يتسرى به وكل هذا إذا قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق حتى أنظرها أو ينظرها فلان وأما لو قال كل امرأة أتزوجها من بلد كذا أو من قبيلة كذا فهي طالق حتى أنظرها أو ينظرها فلان فعمي فإن اليمين لازمة له ومتى تزوج من تلك البلد أو من تلك القبيلة بعد عماه طلقت عليه كما في البدر .

( قوله أو عم الأبكار إلخ ) أي بأن قال كل ثيب أتزوجها طالق وكل بكر أتزوجها طالق وما ذكره المصنف من لزوم اليمين الأولى دون الثانية وهو المشهور وهو قول ابن القاسم وسحنون وابن كنانة ابن عبد السلام هو أظهر الأقوال لدوران الحرج مع اليمين الثانية وقيل تلزمه اليمين فيهما نظرا للتخصيص فيهما وقيل لا تلزمه فيهما وهذا القول حكاه جماعة واختاره اللخمي .

( قوله وبالعكس ) أي بأن قال : كل بكر أتزوجها طالق وكل ثيب أتزوجها طالق ( قوله أو خشي في المؤجل العنت ) ال في المؤجل للعهد أي المؤجل بأجل تنعقد فيه اليمين بأن يبلغه عمره ظاهرا أي وأما إن أجل بأجل يبلغه عمره ظاهرا فإنه لا شيء عليه ولو لم يخش العنت ( قوله فله التزوج ) أي بحرة ولا شيء عليه وليس له التزوج بالأمة حيث أبيحت له الحرة إلا إذا عدم الطول خلافا لعبق انظر بن ( قوله هذا هو المعتمد ) أي وهو قول ابن القاسم وذلك ; لأن الآخر لا يتحقق إلا بالموت ولا يطلق على ميت ولأنه ما من واحدة إلا ويحتمل أنها الأخيرة فكان كمن عم النساء ( قوله وصوب وقوفه ) أي صوب ابن رشد قول سحنون وابن المواز وقوفه إلخ وظاهره الوقف ، ولو قال لا أتزوج بعد ذلك أبدا ; لأنه قد يبدو له الزواج .

( قوله فتحل الأولى ) أي ويرثها إذا ماتت وأما إذا ماتت الموقوف عنها فإنه يوقف ميراث الزوج منها فإن تزوج ثانية أخذه وإن مات قبل أن يتزوج رد لورثتها وإذا مات الزوج عمن وقف عنها فلا ترثه ولها نصف الصداق لتبين أنها المطلقة ; لأنها آخر امرأة له ولا عدة عليها ويلغز بالثانية وهي مسألة موت الزوج فيقال [ ص: 375 ] شخص مات عن زوجة حرة مسلمة نكحها بصداق مسمى وأخذت نصفه ولا ميراث لها ولا عدة ويلغز بالأولى أي مسألة موت الزوجة الموقوفة من وجهين فيقال ماتت امرأة ووقف إرثها وليس في ورثتها حمل ويقال أيضا ماتت امرأة في عصمة رجل ولا يرثها إلا إذا تزوج عليها ( قوله فهو في الموقوفة ) أي في الموقوف عنها أي سواء أولى أو ثانية أو ثالثة .

( قوله فإن رفعته ) أي للقاضي وادعت أنه يقدر أن يطأ بأن يتزوج أخرى فترك ذلك ضررا ضرب له القاضي أجل الإيلاء والأجل من يوم الرفع إلخ ( قوله واختاره إلا في الأولى ) أي واختار اللخمي قول سحنون وابن المواز بالوقف لكن في غير الأولى ، وأما الأولى فاختار فيها عدم الوقف خلافا لهما ، ولو قال : أول امرأة أتزوجها طالق وآخر امرأة أتزوجها طالق فإنه يلزمه الطلاق في أول من تزوج ويجري في آخر امرأة قول ابن القاسم وقول سحنون ولا يجري فيها اختيار اللخمي




الخدمات العلمية