الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( كذا ) عدة ( أم ولد مات مولاها أو أعتقها ) لأن لها فراشا كالحرة ، . [ ص: 506 ] ما لم تكن حاملا ، أو آيسة ، أو محرمة عليه ، ولو مات مولاها وزوجها ولم يدر الأول تعتد بأربعة أشهر وعشر ، أو بأبعد الأجلين بحر . ولا ترث من زوجها لعدم تحقق حريتها يوم موته . ولا عدة على أمة ومدبرة كان يطؤها لعدم الفراش جوهرة ( و ) كذا ( موطوءة بشبهة ) كمزفوفة لغير بعلها ( أو نكاح فاسد ) . [ ص: 507 ] كمؤقت ( في الموت والفرقة ) يتعلق بالصورتين معا .

التالي السابق


( قوله : كذا ) أي كالحرة في كون عدتها ثلاث حيض كوامل إذا كانت ممن تحيض درر وغيرها ( قوله : لأن لها فراشا ) أي وقد وجبت العدة بزواله فأشبه عدة النكاح ، ثم إمامنا فيه عمر رضي الله عنه ; فإنه قال : عدة أم الولد ثلاث حيض كذا في الهداية ولأن لها فراشا يثبت نسب ولدها منه بالسكوت لكنه أضعف من فراش الحرة ، ولذا ينتفي النسب بمجرد النفي بلا لعان . [ ص: 506 ] مطلب : حكاية شمس الأئمة السرخسي

حكي أن شمس الأئمة لما أخرج من السجن زوج السلطان أمهات أولاده من خدامه الأحرار ، فاستحسنه العلماء ، وخطأه شمس الأئمة بأن تحت كل خادم حرة ، وهذا تزوج الأمة على الحرة فقال السلطان : أعتقهن وأجدد العقد فاستحسنه العلماء ، وخطأه شمس الأئمة بأن عليهن العدة بعد الإعتاق . وقيل : إن هذا كان سبب حبسه ، وأن القاضي أغراه عليه وأن الطلبة لما لم تمتنع عنه منعوا عنه كتبه فأملى المبسوط من حفظه ( قوله : ما لم تكن حاملا ) فإن كانت فعدتها الوضع بحر ( قوله : أو آيسة ) فإن كانت فعدتها ثلاثة أشهر بحر ( قوله : أو محرمة عليه ) فلا عدة لزوال فراشهقهستاني . وأسباب الحرمة عليه ثلاث : نكاح الغير وعدته وتقبيل ابن المولى ، فلا عدة عليها بموت المولى أو إعتاقه بعد تقبيل ابنه كما في الخانية بحر ( قوله : ولو مات مولاها وزوجها إلخ ) أي بعدما أعتقها مولاها . واعلم أن هذه المسألة على ثلاثة أوجه :

الأول أن يعلم أن بين موتيهما أقل من شهرين وخمسة أيام فعليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر لأن المولى إن كان قد مات أولا ثم مات الزوج وهي حرة فلا يجب بموت المولى شيء وتعتد للوفاة عدة الحرة ، وإن كان الزوج مات أولا وهي أمة لزمها شهران وخمسة أيام ، ولا يلزمها بموت المولى شيء لأنها معتدة الزوج ، ففي حال يلزمها أربعة أشهر وعشر ; وفي حال نصفها فلزمها الأكثر احتياطا ، ولا تنتقل عدتها على احتمال الثاني لما قدمنا أنها لا تنتقل في الموت .

الثاني أن يعلم أن بين موتيهما شهرين وخمسة أيام ، أو أكثر ، فعليها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا فيها ثلاث حيض احتياطا لأن المولى إن كان مات أولا لم تلزمها عدته لأنها منكوحة ، وبعد موت الزوج يلزمها أربعة أشهر وعشر لأنها حرة وإن مات الزوج أولا لزمها شهران وخمسة أيام ، وقد انقضت عدتها منه لأنها مصورة أن بينهما هذه المدة ، أو أكثر ، فموت المولى بعده يوجب عليها ثلاث حيض فيجمع بينهما احتياطا .

الثالث أن لا يعلم كم بين موتيهما ولا الأول منهما فكالأول عنده وكالثاني عندهما ، كذا في المعراج وغيره بحر . وتوجيه الثالث مذكور في ح عن البحر فراجعه . وفي كلام الشارح إشارة إلى هذه الأوجه الثلاثة ، فأشار إلى الأول والثالث بقوله تعتد بأربعة أشهر وعشر وإلى الثالث عندهما بقوله ، أو بأبعد الأجلين ( قوله : ولا عدة على أمة وأم ولد ) أي إذا مات مولاهما ، أو أعتقهما إجماعا بحر ، وهذا محترز قول المصنف كذا أم ولد ( قوله : وكذا موطوءة بشبهة ، أو نكاح فاسد ) أي عدة كل منهما ثلاث حيض وسيذكر المصنف هذه المسألة مرة ثانية ويأتي الكلام عليها .

[ ص: 507 ] مطلب : حكاية أبي حنيفة في الموطوءة بشبهة [ لطيفة ]

حكى في المبسوط أن رجلا زوج ابنيه بنتين فأدخل النساء زوجة كل أخ على أخيه ، فأجاب العلماء بأن كل واحد يجتنب التي أصابها وتعتد لتعود إلى زوجها . وأجاب أبو حنيفة رحمه الله تعالى بأنه إذا رضي كل واحد بموطوءته يطلق كل واحد زوجته ويعقد على موطوءته ويدخل عليها للحال لأنه صاحب العدة ففعلا كذلك ورجع العلماء إلى جوابه ( قوله : في الموت ) إنما تجب عدة الوفاة لأنها إنما تجب لإظهار الحزن على زوج عاشرها إلى الموت ولا زوجية هنا بحر ( قوله : يتعلق بالصورتين معا ) أي إن قوله في الموت والفرقة مرتبط بصورتي الموطوءة بشبهة ، أو بنكاح فاسد .




الخدمات العلمية