الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وفرض الكفاية : ما قصد حصوله من غير شخص معين فإن لم يوجد إلا واحد تعين عليه ) كرد السلام ، والصلاة على جنازة المسلمين ( فمن ذلك دفع ضرر المسلمين ، كستر العاري ، وإشباع الجائع ) وفك الأسرى ( على القادرين ) عليه ( إن عجز بيت المال عن ذلك ، أو تعذر أخذه منه ) لمنع أو نحوه .

                                                                                                                      ( و ) من ذلك ( الصنائع المباحة المحتاج إليها لمصالح الناس غالبا الدينية والدنيوية ، البدنية والمالية ، كالزرع والغرس ونحوها ) ; لأن أمر المعاد والمعاش لا ينتظم إلا بذلك فإذا قام بذلك أهله بنية التقرب كان طاعة وإلا ، فلا .

                                                                                                                      ( و ) من ذلك ( إقامة الدعوى ) إلى دين الإسلام ( ودفع الشبه بالحجة والسيف ) لمن عاند لقوله تعالى { وجادلهم بالتي هي أحسن } .

                                                                                                                      ( و ) من ذلك ( سد البثوق ) بتقديم الموحدة [ ص: 34 ] وهو ما انفتح من جانب النهر ( و ) من ذلك ( حفر الآبار والأنهار ، وكريها وهو تنظيفها وعمل القناطر والجسور ، والأسوار وإصلاحها ) أي : القناطر والجسور والأسوار ( وإصلاح الطرق والمساجد ) لعموم حاجة الناس إلى ذلك .

                                                                                                                      ( و ) من ذلك ( الفتوى وتعليم الكتاب والسنة ، وسائر العلوم الشرعية ) كالفقه وأصوله والتفسير والفرائض ( وما يتعلق بها من حساب ونحوه ، ولغة ، ونحو ، وتصريف ، وقراءات وعكس العلوم الشرعية علوم محرمة أو مكروهة فالمحرمة كعلم الكلام ) إذا تكلم فيه بالمعقول المحض ، أو المخالف للمنقول الصريح الصحيح فإن تكلم فيه بالنقل فقط ، أو بالنقل والعقل الموافق له ، فهو أصل الدين وطريقة أهل السنة وهذا معنى كلام الشيخ تقي الدين ، وفي حاشيته : ما فيه كفاية في ذلك .

                                                                                                                      ( و ) كعلم ( الفلسفة والشعبذة والتنجيم ، والضرب بالرمل والشعير ، وبالحصى ، و ) كعلم ( الكيمياء ، وعلوم الطبائعيين ، إلا الطب ، فإنه فرض كفاية في قول ) قال في الآداب الكبرى : ذكر ابن هبيرة أن علم الطب فرض كفاية وهذا غريب في المذهب ( ومن المحرم : السحر ، والطلسمات ) بغير العربية لمن لا يعرف معناها كما يأتي في آخر الردة .

                                                                                                                      ( و ) من المحرم ( التلبيسات ، وعلم اختلاج الأعضاء والكلام عليه ونسبته إلى جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب كذب كما نص عليه الشيخ و ) من المحرم ( حساب اسم الشخص واسم أمه بالجمل وأن طالعه كذا ، ونجمه كذا والحكم على ذلك بفقر أو غنى أو غير ذلك من الدلائل الفلكية على الأحوال السفلية ) كما يصنع الآن في التقاويم المشهورة .

                                                                                                                      ( وأما علم النجوم الذي يستدل به على الجهات والقبلة ، وأوقات الصلوات ، ومعرفة أسماء الكواكب لأجل ذلك فمستحب ) كالأدب وقد يجب إذا دخل الوقت وخفيت القبلة كما تقدم في باب استقبال القبلة ( و ) العلم ( المكروه : كالمنطق والأشعار المشتملة على الغزل ، والبطالة والمباح منها ) أي : الأشعار ( ما لا سخف فيه وما لا يكره ، ولا ينشط على الشر ، ولا يثبط عن الخير ) ، ويأتي : أن الشعر كالكلام ، حسنه حسن وقبيحه قبيح .

                                                                                                                      ( ومن ) العلم ( المباح : علم الهيئة والهندسة والعروض ) ومثله القوافي ( و ) منه علم ( المعاني والبيان ) قلت : لو قيل بأنه فرض كفاية لكان له وجه وجيه ، إذ هو كالنحو في الإعانة على الكتاب والسنة ( ومن فروض الكفايات : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) والمعروف : كل ما [ ص: 35 ] أمر به شرعا والمنكر : كل ما نهي عنه شرعا ، فيجب على من علمه جزما وشاهده وعرف من ينكره ولم يخف أذى قال القاضي : ولا يسقط فرضه بالتوهم فلو قيل له : لا تأمر على فلان بالمعروف فإنه يقتلك لم يسقط عنه لذلك .

                                                                                                                      وقال ابن عقيل في آخر الإرشاد : من شروط الإنكار : أن يعلم أو يغلب على ظنه أنه لا يفضي إلى مفسدة .

                                                                                                                      قال أحمد في رواية الجماعة : إذا أمرت ونهيت فلم ينته ، فلا ترفعه إلى السلطان ، ليعدى عليه وقال أيضا : من شرطه أن يأمن على نفسه وماله خوف التلف وكذا قال جمهور العلماء ومن شرطه أيضا : رجاء حصول المقصود ، وعدم قيام غيره به نقله في الآداب عن الأصحاب وعلى الناس إعانة المنكر ونصره على الإنكار وأعلاه : باليد ، ثم باللسان ، ثم بالقلب ، وهو أضعف الإيمان قال في رواية صالح التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح قال القاضي ، ويجب فعل الكراهة للمنكر كما يجب إنكاره وفي الحاشية ما يغني عن الإطالة .

                                                                                                                      ( وذكرنا في الكتاب جملة من فروض الكفايات كثيرا في أبوابه ، فلا حاجة إلى إعادته ) لما فيها من التكرار ، على أن بعض المذكورات مذكور أيضا في مواضعه .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية