الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وفرض في مال الغائب )

                                                                                                                            ش : قال الشارح في الكبير : قال فيها يعني المدونة : ولا يفرض على الغائب النفقة لزوجته إلا أن يكون له مال يعدى فيه ، انتهى . وقوله يعدى ، قال أبو الحسن الصغير قال عياض في المشارق : والاستعداء طلب النصرة ، وقيل : طلب الإعانة ومعناه يحكم ، انتهى من كتاب الزكاة الأول ، وكلام المدونة هو في أواخر النكاح الثاني ، وقد يتبادر منه أنه إذا لم يكن للغائب مال يعدى فيه لا يفرض الحاكم لها النفقة عليه ، ولو علم أنه مليء في غيبته كما نبه على ذلك ابن عرفة وسيأتي كلامه ، وليس كذلك إن علم أنه موسر في غيبته فرض لها عليه .

                                                                                                                            وإن علم عسره أو جهل أمره لم يفرض لها عليه ، قال في العتبية في آخر رسم من سماع يحيى من طلاق السنة ، وهو رسم أول عبد ابتاعه ، قال : وسألته عن الرجل يغيب عن أهله وله أولاد صغار في حجر أمهم تلزمه نفقتهم ، فإذا قدم ادعت امرأته ، وهي أمهم أنها أنفقت عليهم من مالها أيلزمه ذلك أم يبرأ بمثل ما يبرأ به من نفقتها إذا زعم أنه كان يبعث بها إليها ، ولا يكون لها عليه شيء إلا أن ترفع أمرها إلى السلطان . ؟

                                                                                                                            قال حالها فيما تدعي من الإنفاق من مالها بمنزلة ما تدعي أنها أنفقت على نفسها إذا لم ترفع ذلك إلى السلطان حتى يقدم لم تصدق .

                                                                                                                            وإن رفعت ذلك إلى السلطان فرض لها ولهم وحسبه لها عليه من يوم يفرضه وكان لها دينا تتبع به ، قال ابن رشد قوله : إن الرجل يبرأ من نفقة ولده الذي في حجره مع زوجته أمهم بما يبرأ من نفقة زوجته صحيح ; لأنه مؤتمن على ذلك ، وأما قوله : وإن رفعت ذلك إلى السلطان فرض لها ولهم ، قوله : فمعناه إذا عرف ملاؤه في غيبته وذلك أنه لا يخلو في مغيبه من ثلاثة أحوال : ( أحدها ) أن يكون معروف الملا ( والثاني ) أن يكون معروف العدم ( والثالث ) أن يكون حاله مجهولة إذا كان معروف الملا ; فإن النفقة تفرض لها عليه على ما يعرف من ملئه فتتبعه بذلك دينا ثابتا في ذمته ، هذا معنى قول ابن القاسم هنا ونص قول ابن حبيب في الواضحة .

                                                                                                                            وظاهر قوله فيها أنه لا خيار للمرأة في فراقه كما يكون ذلك لها في المجهول الحال ، ومعنى ذلك إذا كان لها مال فتنفق منه على نفسها وما لم تطل إقامته عنها على ما مضى في رسم الشريكين من سماع ابن القاسم ، وفي رسم شهد من سماع عيسى ، وأما إن كان معروف العدم ، فلا يفرض لها السلطان إذ لا يجب على المعدم لامرأته عليه نفقته ويفرق السلطان بينهما بعد التلوم ، وإن أحبت الصبر عليه كتب لها كتابا بذلك اليوم من ذلك الشهر أنها قامت عنده عليه طالبة لنفقتها ; فإن قدم وعلم أنه كان له مال كان القول قولها إنها أنفقت على نفسها من ذلك اليوم إن ادعى أنه خلف عندها أو بعث إليها ، وأما إذا كان مجهول الحال لا يعرف ملؤه في غيبته من عدمه فقال : في المدونة إن السلطان لا يفرض لها نفقة على زوجها في مغيبه حتى يقدم ، فإن كان موسرا فرض عليه نفقة مثله لمثلها ، وقال ابن حبيب في الواضحة إنها إن أحبت الصبر عليه أشهد لها السلطان إن كان فلان زوج فلانة اليوم مليئا في غيبته وجب عليه لامرأته فريضة مثلها من مثله ، وسيأتي في سماع أصبغ القول في فرض نفقة الأبوين وبالله عز وجل التوفيق ا هـ كلامه بلفظه .

                                                                                                                            ونقله في التوضيح باختصار ونصه في شرح قول ابن الحاجب ; فإن كان له مال بيع وفرض منه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية