الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل .

                                                                                                                          ولا تصح الدعوى إلا محررة تحريرا يعلم به المدعى إلا في الوصية والإقرار فإنها تجوز بالمجهول ، فإن كان المدعى عينا حاضرة عينها وإن كانت غائبة ذكر صفاتها ، إن كانت تنضبط بها . والأولى ذكر قيمتها . وإن كانت تالفة من ذوات الأمثال ، ذكر قدرها وجنسها وصفتها ، وإن ذكر قيمتها كان أولى . وإن لم تنضبط بالصفات فلا بد من ذكر قيمتها . وإن ادعى نكاحا فلا بد من ذكر المرأة بعينها إن حضرت ، وإلا ذكر اسمها ونسبها ، وذكر شروط النكاح ، وأنه تزوجها بولي مرشد وشاهدي عدل ورضاها ، في الصحيح من المذهب ، وإن ادعى بيعا أو عقدا سواه ، فهل يشترط ذكر شروطه ؛ يحتمل وجهين .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل .

                                                                                                                          ( ولا تصح الدعوى إلا محررة تحريرا يعلم به المدعي ) لأن الحاكم يسأل المدعى عليه عما ادعاه المدعي ، فإن اعترف به ألزمه ، ولا يمكنه أن يلزمه [ ص: 74 ] مجهولا . ( إلا في الوصية ) وعليها اقتصر السامري . ( والإقرار ) والخلع ، وعبد مطلق في مهر حيث صححناه . ( فإنها تجوز بالمجهول ) لأنه لو أوصى أو أقر بشيء مجهول لصح ، فكذا هذا . وشرطها أيضا أن تكون متعلقة بالحال ، فلا بد في الدعوى بالدين أن يكون حالا . وقيل : تسمع بدين مؤجل لإثباته إذا خاف سفر الشهود . وقال في " الترغيب " : الصحيح أنها تسمع ، فيثبت أصل الحق للزومه في المستقبل ، كدعوى تدبير ، وأنه يحتمل في قتل أبي أحد هؤلاء الخمسة ، أنه يسمع للحاجة لوقوعه كثيرا ، ويحلف كل منهم . وكذا دعوى غصب وسرقة ، لا إقرار وبيع إذا قال : نسيت . لأنه مقصر ، وإن يصرح بها فلا يكفي قوله عن دعوى في ورقة ادعى بما فيها ، وأن تنفك عما يكذبها ، فلو ادعى عليه أنه قتل أباه منفردا ، ثم ادعى على آخر المشاركة فيه ، لم تسمع الثانية ولو أقر الثاني ، إلا أن يقول : غلطت أو كذبت في الأول . فالأظهر تقبل ، قاله في " الترغيب " لإمكانه ، والحق لا يعدوهما . ( فإن كان المدعى عينا حاضرة ) في المجلس . ( عينها ) لأنه ينتفي اللبس . وكذا إن كانت حاضرة ، لكن لم تحضر بمجلس الحكم ، اعتبر إحضارها للتعيين ، ويجب إحضارها على المدعى عليه ، إن أقر أن بيده مثلها . ولو ثبت أنها بيده ببينة أو نكول حبس أبدا حتى يحضرها ، أو يدعي تلفها فيصدق للضرورة ، وتكفي القيمة . تنبيه : إذا ادعى دينا على أبيه ، ذكر موته وحرر الدين والتركة ، ذكره القاضي .

                                                                                                                          وفي " المغني " : أو أنه وصل إليه من تركة أبيه ما يفي بدينه . وإن ادعى [ ص: 75 ] مالا مطلقا لم يجب ذكر سببه وقدره وجنسه ، ذكره في " الرعاية " . فإن ادعى عينا أو دينا ، لم يعتبر ذكر سببه ، وجها واحدا لكثرة سببه ، ويكفيه أن يقول : أستحق هذه العين التي في يدك أو ذمتك . ( وإن كانت غائبة ذكر صفاتها ، إن كانت تنضبط بها ) لأنها تتميز بذلك ، وكذا إن كانت في الذمة . ( والأولى ) مع ذلك . ( ذكر قيمتها ) لأنه أضبط . ( وإن كانت تالفة من ذوات الأمثال ذكر قدرها وجنسها وصفتها ) ما يكفي في السلم ، لأن المثل واجب ، لا يتحقق المثل بدونها . ( وإن ذكر قيمتها كان أولى ) لأنه أضبط وأحضر . ( وإن لم تنضبط بالصفات فلا بد من ذكر قيمتها ) لأنها لا تعلم إلا بذلك . ( وإن ادعى نكاحا فلا بد من ذكر المرأة بعينها إن حضرت ) لأن اللبس ينتفي بذلك . ( وإلا ذكر اسمها ونسبها ) لأنها لا تتميز إلا بذلك . ( وذكر شروط النكاح ) المعتبرة في الحضور والغيبة ، صححه في " المستوعب " و " المحرر " و " الرعاية " ، ونصره في " الشرح " ، لأن الناس اختلفوا في شروطه ، فلم يكن بد من ذكرها حتى يعلم الحال على ما هي عليه ، ليعرف كيف يحكم . ( وأنه تزوجها بولي مرشد وشاهدي عدل ورضاها ، في الصحيح من المذهب ) وعنه : لا يشترط ذلك ; لأنه نوع ملك ، كما لو ادعى بيعا أو عقدا غيره . والأول أصح . والفرق : أن الفروج يحتاط لها ، بخلاف غيرها . ولأنه مبني على الاحتياط . وتتعلق العقوبة بجنسه . فاشترط شروطه كالقتل . فإن ادعى استدامة الزوجية ولم يدع عقدا ، لم يحتج إلى ذكر شروطه في الأصح ; لأنه ثبت بالاستفاضة التي لا يعلم معها اجتماع الشروط . [ ص: 76 ] وفي آخر : بلى كدعوى العقد .

                                                                                                                          وفي " الترغيب " : يعتبر في النكاح وصفه بالصحة ، وأنه لا يعتبر انتفاء المفسد ، وأنها ليست معتدة ، ولا مرتدة . ( وإن ادعى بيعا أو عقدا سواه ، فهل يشترط ذكر شروطه ؛ يحتمل وجهين ) :

                                                                                                                          أصحهما : يعتبر ذكر شروطه كالنكاح .

                                                                                                                          والثاني : لا يشترط ، قدمه في " الكافي " ، وذكر في " الشرح " : أنه أولى وأصح .

                                                                                                                          وقد سبق ذكر الفرق بينهما . وقيل : يشترط في ملك الإماء خاصة . وعلى الأول لو ادعى بيعا لازما ، أو هبة مقبوضة ، كفى في الأشهر . وفي اعتبار وصف البيع بأنه صحيح وجهان .

                                                                                                                          وقيل : ويذكر القيمة والوصف دون ذكر القيمة . فلو ادعى بيعا أو هبة لم تسمع ، إلا أن يقول : ويلزمك التسليم إلي . لاحتمال كونه قبل التسليم . وما لزم ذكره في الدعوى ولم يذكره سأله الحاكم عنه ، لتصير الدعوى معلومة ، فيمكن الحاكم الحكم بها .

                                                                                                                          فرع : إذا ادعى عقارا غائبا بعيدا ، كفى شهرته عندهما وعند حاكم عن تحديده ; لحديث الحضرمي والكندي . وإن كان قريبا عينه إن أمكن .




                                                                                                                          الخدمات العلمية